مستيقظاً جلدا فجَاء إِلَى الْبَصْرَة يتظلم وأعانه خلق من التُّجَّار وَقَالَ للأمير أَنْت دست على جوهري وَمَا خصمي سواك فورد عَلَيْهِ أَمر عَظِيم وخلا بالبوابين وتوعدهم فاستنظروه فأنظرهم وطلبوا واجتهدوا فَمَا عرفُوا فَاعل ذَلِك فعنفهم الرجل فاستجابوا مُدَّة أُخْرَى فجَاء أحد البوابين إِلَى الْحَبْس فتخادم لِابْنِ الْخياطَة وَلَزِمَه نَحْو شهر وتذلل لَهُ فِي الْحَبْس فَقَالَ لَهُ قد وَجب حَقك عَليّ فَمَا حَاجَتك قَالَ جَوْهَر فلَان الْمَأْخُوذ بالأبلة لَا بُد أَن يكون عنْدك مِنْهُ خبر فَإِن دماءنا مرتهنة بِهِ وحدثه الحَدِيث فَرفع ذيله وَإِذا سفط الْجَوْهَر تَحْتَهُ فسلمه إِلَيْهِ وَقَالَ قد وهبته لَك فاستعظم ذَلِك وَجَاء بالسفط إِلَى الْأَمِير فَسَأَلَهُ عَن الْقِصَّة فَأخْبرهُ بهَا فَقَالَ عَليّ بعباس فجاؤا بِهِ فَأمر بالإفراج عَنهُ وَإِزَالَة قيوده وإدخاله الْحمام وخلع عَلَيْهِ وَأَجْلسهُ فِي مَجْلِسه مكرماً واستدعى الطَّعَام فواكله وبيته عِنْده فَلَمَّا كَانَ من الْغَد خلا بِهِ وَقَالَ أَنا أعلم أَنَّك لَو ضربت مائَة ألف سَوط مَا أَقرَرت كَيفَ كَانَت صُورَة أَخذ الْجَوْهَر وَقد عاملتك بالجميل ليجب حَقي عَلَيْك من طَرِيق الفتوة وَأُرِيد أَن تصدقني حَدِيث هَذَا الْجَوْهَر قَالَ على أنني وَمن عاونني عَلَيْهِ آمنون وَإنَّك لَا تطالبنا بالذين أَخَذُوهُ قَالَ نعم فاستحلفه فَقَالَ لَهُ إِن جمَاعَة اللُّصُوص جاؤوني الْحَبْس وَذكروا حَال هَذَا الْجَوْهَر وَإِن دَار هَذَا التَّاجِر لَا يجوز أَن يتَطَرَّق عَلَيْهَا نقب وَلَا تسليق وَعَلَيْهَا بَاب حَدِيد وَالرجل متيقظ وَقد راعوه سنة فَمَا أمكنهم وسألوني فساعدتهم فَدفعت إِلَى السجان مائَة دِينَار وَحلفت لَهُ بالشطارة والأيمان الغليظة أَنه إِن أطلقني عدت إِلَيْهِ من غَد وَأَنه إِن لم يفعل ذَلِك اغتلته فَقتلته فِي الْحَبْس فأطلقني فنزعنا الْحَدِيد وَتركته وَخرجت الْمغرب فوصلنا إِلَى الأبلة الْعَتَمَة وَخَرجْنَا إِلَى دَار الرجل فَإِذا هُوَ فِي الْمَسْجِد وبابه مغلق فَقلت لأَحَدهم تصدق من الْبَاب فَتصدق فَلَمَّا جاؤوا ليفتحوا قلت لَهُ أختفي فَفعل ذَلِك مَرَّات وَالْجَارِيَة تخرج فَإِذا لم تَرَ أحدا عَادَتْ إِلَى أَن خرجت من الْبَاب ومشت