فَقَالَت
(مَا للجمال مشيها وئيداً ... أجند لَا يحملن أَو حديدا)
(أم صرفاناً بَارِدًا شَدِيدا ... أم الرِّجَال فِي المسوح سُودًا)
ثمَّ أَقبلت على جواريها فَقَالَت أرى الْمَوْت الْأَحْمَر فِي الغرائر السود فَذَهَبت مثلا حَتَّى إِذا توسطت الْإِبِل الْمَدِينَة وتكاملت ألقوا إِلَيْهِم الْإِمَارَة فاخترطوا رُؤُوس الغرائر فَسقط إِلَى الأَرْض ألفا ذِرَاع بألفي باتر طَالب ثأر الْقَتِيل غدراً وَخرجت الزباء تمصع تُرِيدُ النفق فسبقها إِلَيْهِ قصير فحال بَينهمَا وَبَينه فَلَمَّا رَأَتْ أَن قد أحيط بهَا وملكت التقمت خَاتمًا فِي يَدهَا تَحت فصه سم سَاعَة وَقَالَت بيَدي لَا بِيَدِك يَا عَمْرو فأدركها عَمْرو وقصير فضرباها بِالسَّيْفِ حَتَّى هَلَكت وملكا مملكتها واحتويا على نعمتها وَخط قصير على جذيمة قبراً وَكتب على قَبره هَذِه الأبيات يَقُول
(ملك تمتّع بالعساكر والقنا ... والمشرفية عزه مَا يُوصف)
فسعت منيته إِلَى أعدائه ... وَهُوَ المتوج والحسام المرهف)
وَقد روينَا أَن ملكا كَانَ يُقَال لَهُ شمر ذُو الْجنَاح سَار إِلَى سَمَرْقَنْد فحاصرها فَلم يظفر مِنْهَا بِشَيْء فَطَافَ حولهَا بالحرس فَأخذ رجلا من أَهلهَا فاستمال قلبه وَسَأَلَهُ عَن الْمَدِينَة فَقَالَ أما ملكهَا فأحمق النَّاس لَيْسَ لَهُ هم إِلَّا الشَّرَاب وَالْأكل وَالْجِمَاع وَلَكِن لَهُ بنت هِيَ الَّتِي تقضي أَمر النَّاس فَبعث مِنْهُ هَدِيَّة إِلَيْهَا وَقَالَ أخْبرهَا أَنِّي لم أجيء لالتماس المَال فَإِن معي من المَال أَرْبَعَة آلَاف تَابُوت ذَهَبا وَفِضة وَأَنا دافعها إِلَيْهَا وأمضى إِلَى الصين فَإِن كَانَت لي الأَرْض كَانَت امْرَأَتي وَإِن هَلَكت كَانَ المَال لَهَا فَلَمَّا بلغتهَا رسَالَته قَالَت قد أَجَبْته فليبعث بِالْمَالِ فَأرْسل إِلَيْهَا أَرْبَعَة