الاذكياء (صفحة 161)

هَذَا قصير بن سعد عَم جذيمة وخازنه وَصَاحب أمره قد جَاءَك فَأَذنت لَهُ فَقَالَت مَا الَّذِي جَاءَك إِلَيْنَا يَا قصير وبيننا وَبَيْنك دم عَظِيم الْخطر فَقَالَ يَا ابْنة الْمُلُوك الْعِظَام لقد أتيت فِيمَا يُؤْتِي مثلك فِي مثله وَلَقَد كَانَ دم الْملك يَطْلُبهُ حَتَّى أدْركهُ وَقد جئْتُك مستجيراً بك من عَمْرو بن عدي فَإِنَّهُ اتهمني بخاله وبمشورتي عَلَيْهِ بِالْمَسِيرِ إِلَيْك فجدع أنفي وَأخذ مَالِي وَحَال بيني وَبَين عيالي وتهددني بِالْقَتْلِ وَإِنِّي خشيت على نَفسِي فهربت مِنْهُ إِلَيْك أَنا مستجير بك ومستند إِلَى كَهْف عزك فَقَالَت أَهلا وسهلاً لَك حق الْجوَار وَذمَّة المستجير وَأمرت بِهِ فَأنْزل وأجرت لَهُ الْإِنْزَال ووصلته وكسته وأخدمته وزادت فِي إكرامه وَأقَام مُدَّة لَا يكلمها وَلَا تكَلمه وَهُوَ يطْلب الْحِيلَة عَلَيْهَا وَمَوْضِع الفرصة مِنْهَا وَكَانَت ممتنعة بقصر مشيد على بَاب النفق تعتصم بِهِ فَلَا يقدر أحد عَلَيْهَا فَقَالَ لَهَا قصير يَوْمًا إِن لي بالعراق مَالا كثيرا وذخائر نفيسة مِمَّا يصلح للملوك وَإِن أَذِنت لي فِي الْخُرُوج إِلَى الْعرَاق وأعطيتيني شَيْئا أتعلل بِهِ فِي التِّجَارَة وأجعله سَببا للوصول إِلَى مَالِي أَتَيْتُك بِمَا قدرت عَلَيْهِ من ذَلِك فَأَذنت لَهُ وأعطته مَالا فَقدم الْعرَاق وبلاد كسْرَى فأطرفها من طرائفه وزادها مَالا إِلَى مَالهَا كثيرا وَقدم عَلَيْهَا فأعجبها ذَلِك وسرها وترتب لَهُ عِنْدهَا منزلَة وَعَاد إِلَى الْعرَاق ثَانِيَة فَقدم بِأَكْثَرَ من ذَلِك طرفا من الْجَوَاهِر والبز والخز والديباج فازداد مَكَانَهُ مِنْهَا وازدادت مَنْزِلَته عِنْدهَا ورغبتها فِيهِ وَلم يزل قصير يتلطف حَتَّى عرف مَوضِع النفق الَّذِي تَحت الْفُرَات وَالطَّرِيق إِلَيْهِ ثمَّ خرج ثَالِثَة فَقدم بِأَكْثَرَ من الأولتين ظرائف ولطائف فَبلغ مَكَانَهُ مِنْهَا وموضعه عِنْدهَا إِلَى أَن كَانَت تستعين بِهِ فِي مهماتها وملماتها واسترسلت إِلَيْهِ وعولت فِي أمورها عَلَيْهِ وَكَانَ قصير رجلا حسن الْعقل وَالْوَجْه حصيناً لبيباً أديباً فَقَالَت لَهُ يَوْمًا أُرِيد أغزو الْبَلَد الْفُلَانِيّ من أَرض الشَّام فَاخْرُج إِلَى الْعرَاق فَاتَنِي بِكَذَا وَكَذَا من السِّلَاح والكراع وَالْعَبِيد وَالثيَاب فَقَالَ قصير ولي فِي بِلَاد عَمْرو بن عدي ألف بعير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015