(دعيني أجوب الأَرْض فِي طلب الْغنى ... فَلَا الكرخ الدُّنْيَا وَلَا النَّاس قَاسم)
فَضَحِك الْمَأْمُون وَسكن غَضَبه وروى أَن عزة وبثينة اجتمعتا فتحدثتا فاقبل كثير فَقَالَت بثينة أتحبين أَن أبين لَك إِن كثيرا غير صَادِق فِي محبتك قَالَت نعم قَالَت ادخلي الخباء فَدخلت فَدَنَا كثير فَوقف على بثينة فَسلم عَلَيْهَا فَقَالَت لَهُ مَا تركت عزة فِيك مستمعاً لأحد فَقَالَ كثير وَالله لَو أَن عزة أمة لوهبتها لَك فَقَالَت إِن كنت صَادِقا فَقل فِي هَذَا شعرًا فَأَنْشَأَ يَقُول
(رمتني على عمد بثينة بَعْدَمَا ... تولى شَبَابِي وارجحن شبابها)
(بعينين نجلاوين لَو رقرقتهما ... لنؤ الثريا لاستهل سحابها)
فبادرت عزة وكشفت الْحجاب وَقَالَت لَهُ يَا فَاسق قد سَمِعت الْبَيْتَيْنِ فَقَالَ لَهَا فاسمعي الثَّالِث قَالَت وَمَا هُوَ قَالَ
(ولكنما ترمين نفسا سقيمة ... لعزة مِنْهَا صفوها ولبابها)
فاستحسنت عذره
وَذكر أَبُو هِلَال العسكري أَن رجلا كَانَت لَهُ صديقَة لَهَا زوج غَائِب وَكَانَ يَأْتِيهَا على طمأنينة فَقدم زَوجهَا فَدخل فَرَأى الرجل نَائِما فَظَنهُ الْمَرْأَة فَأخذ برجليه فَوَثَبَ إِلَى السَّيْف وَكَانَ فِي جِيرَانه مُعَاوِيَة بن ستار فَنَادَى يَا مُعَاوِيَة هَل وفيت فَتوهم الزَّوْج أَنه جعل لَهُ على مَا فعل وَعلم مُعَاوِيَة أَنه مكروب فَقَالَ نعم وتعليت فَخَلَّاهُ الزَّوْج وَحكى أَبُو الْحسن بن الصابي أَن مغنية غنت بَين يَدي الْمهْدي
(مَا نقموا من بني أُميَّة إِلَّا ... أَنهم يسفهون إِذْ غضبوا)
فَقيل لَهَا غَلطت فَقَالَت غلطي يذكرنِي هَذَا الْبَيْت فأصلحته بِمَا سَمِعْتُمْ