واعلم أنه لا يدخلُ في الذمّ تحسين ألفاظ الخطب والمواعظ إذا لم يكن فيها إفراط وإغراب لأن المقصودَ منها تهييج القلوب إلى طاعة الله عزّ وجلّ، ولحسن اللفظ في هذا أثر ظاهر.

[فصل]: ويُكره لمن صلى العشاء الآخرة أن يتحدَّثَ بالحديث المباح في غير هذا الوقت وأعني بالمُباح الذي استوى فعله وتركه. فأما الحديث المحرّم في غير هذا الوقت أو المكروه فهو في هذا الوقت أشدّ تحريمًا وكراهة. وأما الحديثُ في الخير كمذاكرة العلم وحكايات الصالحين ومكارم الأخلاق والحديث مع الضيف فلا كراهةَ فيه، بل هو مستحبّ، وقد تظاهرت الأحاديثُ الصحيحةُ به، وكذلك الحديثُ للغدر والأمور العارضة لا بأس به، وقد اشتهرت الأحاديثُ بكل ما ذكرتُه، وأنا أُشيرُ إلى بعضها مختصرًا، وأرمزُ إلى كثير منها.

[38/ 971] روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن أبي بَرزةَ رضي الله عنه؛

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكرهُ النومَ قبل العِشاء والحديثَ بعدَها.

وأما الأحاديث بالترخيص في الكلام للأمور التي قدّمتُها فكثيرةٌ.

[39/ 972] فمن ذلك حديث ابن عمر في الصحيحين:

أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم صلَّى العشاءَ في آخر حياته، فلما سلَّم قال: "أرأيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فإنَّ على رأسِ مِئَةِ سَنَةٍ لا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ على ظَهْرِ الأرْضِ اليَوْمَ أحَدٌ".

[40/ 973] ومنها حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015