قالت:
كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يأكلُ طعامًا في ستة من أصحابه، فجاء أعرابيٌّ فأكلَه بلقمتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إنَّهُ لَوْ سَمَّى لَكَفاكُمْ" قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
[8/ 564] وروينا، عن جابر رضي الله عنه،
عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ نَسِيَ أنْ يُسَمِّيَ على طَعامِهِ، فَلْيَقْرأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ إذَا فَرَغَ".
قلت: أجمع العلماءُ على استحباب التسمية على الطعام في أوّلِه، فإن تركَ في أوله عامدًا أو ناسيًا أو مُكرهًا أو عاجزًا لعارض آخر ثم تمكن في أثناء أكلِه، استحبّ أن يسمّي للحديث المتقدم ويقول: باسم الله أوله وآخره، كما جاء في الحديث. والتسميةُ في شرب الماء واللبن والعسل والمرق وسائر المشروبات كالتسمية في الطعام في جميع ما ذكرناه. قال العلماء من أصحابنا وغيرهم: ويُستحبُّ أن يجهرَ بالتسمية ليكونَ فيه تنبيهٌ لغيره على التسمية وليُقتدى به في ذلك، والله أعلم.
[فصل]: من أهمّ ما ينبغي أن يُعرف صفةُ التسمية وقدرُ المجزىء منها، فاعلم أنَّ الأفضلَ أن يقولَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فإن قال: بِسْمِ اللهِ، كفاهُ وحصلَتِ السُّنّة، وسواء في هذا الجنب والحائض وغيرهما، وينبغي أن يُسمِّيَ كل واحد من الآكلين، فلو سمَّى واحدٌ منهم أجزأ عن الباقين، نصّ عليه الشافعي رضي اللَّه عنه، وقد ذكرتُه عن جماعة في كتاب الطبقات في ترجمة الشافعي، وهو شبيه بردّ السلام وتشميت العاطس، فإنه يُجزىء فيه قولُ أحدِ الجماعة.