يُستحبّ له أن يكون مشتغلًا بذكر الله تعالى، والفكر فيما يلقاه الميت وما يكون مصيرُه وحاصلُ ما كان فيه، وأن هذا آخرُ الدنيا ومصيرُ أهلها؛ وليحذرْ كلَّ الحذر من الحديث بما لا فائدةَ فيه، فإن هذا وقتُ فِكر وذكر تقبحُ فيه الغفلةُ واللهو والاشتغال بالحديث الفارغ، فإن الكلامَ بما لا فائدة فيه منهيٌّ عنه في جميع الأحوال، فكيف في هذا الحال.
واعلم أن الصوابَ المختارَ ما كان عليه السلفُ رضي الله عنهم السكوتُ (?) في حال السير مع الجنازة فلا يُرفع صوتٌ بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك، والحكمة فيه ظاهرة وهي أنه أسكنُ لخاطره وأجمعُ لفكره فيما يتعلق بالجنازة وهو المطلوبُ في هذا الحال، فهذا هو الحقّ، ولا تغترّنّ بكثرة من يُخالفه، فقد قال أبو عليّ الفُضيل بن عِياض رضي الله عنه ما معناه: الزمْ طرقَ الهدَى، ولا يضرُّكَ قلّةُ السالكين، وإياك وطرقَ الضلالة، ولا تغترَّ بكثرة الهالكين.
وقد روينا في سنن البيهقي (?) ما يقتضي ما قلته. وأما ما يفعله الجهلةُ من القراءة على الجنازة بدمشق وغيرها من القراءة بالتمطيط وإخراج الكلام عن موضوعه فحرام بإجماع العلماء، وقد أوضحت قبحه وغلظ تحريمه وفسق من تمكّن من إنكاره فلم ينكره في كتاب آداب القرّاء، والله المستعان.
يستحبّ أن يقول: سُبْحانَ الحَيِّ الَّذي لا يَمُوتُ. وقال القاضي