[1/ 103] وروينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي وغيرها:
أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال قبل القراءة في الصلاة: "أعُوذُ باللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ مِنْ نَفْخِهِ وَنَفْثِهِ وهَمْزِهِ" وفي رواية: "أعُوذُ بالله السَّمِيعِ العَلِيمِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ" وجاء في تفسيره في الحديث، أن همزه: المؤْتةُ، وهي الجنون، ونفخه: الكبر، ونفثه: الشعرُ، والله أعلم.
[فصل]: اعلم أن التعوّذ مستحبّ ليس بواجب، لو تركه لم يأثم ولا تبطلُ صلاته سواء تركه عمدًا أو سهوًا، ولا يسجد للسهو، وهو مستحبّ في جميع الصلوات الفرائض والنوافل كلها، ويستحبّ في صلاة الجنازة على الأصحّ، ويستحبّ للقارىء خارج الصلاة بإجماع أيضًا.
[فصل]: واعلم أن التعوّذ مستحبّ في الركعة الأولى بالاتفاق، فإن لم يتعوّذ في الأولى أتى به في الثانية، فإن لم يفعل ففيما بعدها، فلو تعوّذ في الأولى هل يستحبّ في الثانية؟ فيه وجهان لأصحابنا، أصحهما أنه يستحبّ لكنه في الأولى آكد. وإذا تعوّذ في الصلاة التي يُسِرُّ فيها بالقراءة أسرّ بالتعوّذ، فإن تعوّذ في التي يُجْهَر فيها بالقراءة فهل يجهر؟ فيه خلاف؛ من أصحابنا من قال: يُسرّ، وقال الجمهور: للشافعي في المسألة قولان: أحدهما يستوي الجهر والإِسرار، وهو نصُّه في الأم. والثاني يُسنّ الجهر وهو نصُّه في الإِملاء. ومنهم من قال فيه قولان: أحدهما: يجهر، (والثاني: يُسِرُّ، والصحيح من حيث الجملة أنه يُستحبُّ الجهرُ) (?)؛ صححه الشيخ أبو