(بابُ الحثِّ على التثّبت فيما يحكيهِ الإِنسانُ والنهي عن التحديث بكلِّ ما سمعَ إذا لم يظنّ صحته)

قال الله تعالى: (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مَسْؤولاً) [الإِسراء: 36] وقال تعالى: (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق: 18] وقال تعالى: (إنَّ رَبَّكَ لَبالمِرْصَادِ) [الفجر: 14] .

1145 - وروينا في " صحيح مسلم " عن حفص بن عاصم التابعي الجليل عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ (صلى الله عليه وسلم) قال: " كَفَى بالمَرْءِ كَذِباً أنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ ما سَمِعَ " (?) ورواه مسلم من طريقين: أحدهما هكذا، والثاني عن حفص بن عاصم عن النبي (صلى الله عليه وسلم) مرسلاً لم يذكر أبا هريرة، فتُقدَّمُ روايةُ مَن أثبت أبا هريرة، فإن الزيادة من الثقة مقبولة، وهذا هو المذهب الصحيحُ المختارُ الذي عليه أهلُ الفقه والأصول، والمحقّقون من المحدّثين، أن الحديث إذا روي من طريقين، أحدهما مرسلٌ، والآخر متصلٌ، قدّم المتصل، وحكم بصحة الحديث، وجاز الاحتجاج به في كل شئ من الأحكام وغيرها، والله أعلم.

1146 - وروينا في " صحيح مسلم " عن عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه قال: " بحسبِ المرءِ من الكذبِ أن يحدّثِ بكلّ ما سمعَ ".

وروينا في " صحيح مسلم " عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مثله، والآثارُ في هذا الباب كثيرة.

1147 - وروينا في سنن أبي داود بإسناد صحيح (?) عن أبي مسعود (?) أو حذيفة بن

اليمان قال: سمعتُ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: " بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا " قال الإِمام أبو سليمان الخطابي فيما رويناه عنه في " معالم السنن ": أصلُ هذا الحديث إنَّ الرجلَ إذَا أرادَ الظعن في حاجة والسير إلى بلد، ركب مطية، وسار حتى يبلغ حاجته، فشبّهَ النبيّ (صلى الله عليه وسلم) ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015