عنه، وتَسقط رواياته وشهادته، ويبطلُ العمل بفتواه، ويذهبُ ركون النفوس إلى ما يقولُه من العلوم، وهذه مفاسد ظاهرة، فينبغي له اجتناب أفرادها، فكيف بمجموعها؟ فإن احتاج إلى شئ من ذلك وكان محقّاً في نفس الأمر لم يظهره، فإن أظهرَه أو ظهرَ أو رأى المصلحةَ في إظهاره ليعلم جوازه وحكمُ الشرع فيه، فينبغي أن يقولَ: هذا الذي فعلتُه ليس بحرام، أو إنما فعلتُه لتعلموا أنه ليس بحرام إذا كان على هذا الوجه الذي فعلتُه، وهو كذا وكذا، ودليلُه كذا وكذا.
981 - روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن سهل بن سعد الساعديّ رضي الله عنه قال: " رأيتُ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم " قامَ على المِنبر، فكبَّرَ وكبر الناس وراءه، فقرأ وركع وركع الناس خلفه، ثم رفع، ثم رجع القهقرى فسجد على الأرض، ثم عادَ إلى المنبر حتى فرغَ من صلاتِه، ثم أقبلَ على الناس فقال: أيُّها النَّاسُ إنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأتَمُّوا بِي وَلِتَعَلَّمُوا صَلاتي ".
والأحاديثُ في هذا الباب كثيرةٌ.
982 - كحديث " إنها صفية " (?) .
983 - وفي البخاري " أن عليّاً شربَ قائماً وقال: رأيتُ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) فعلَ كما رأيتموني فعلتُ " والأحاديثُ والآثارُ في هذا المعنى في الصحيح مشهورة.
اعلم أنه يُستحبّ للتابع إذا رأى من شيخه وغيره ممّن يُقتدى به شيئاً في ظاهره مخالفة للمعروف أن يسأله عنه بنيّة الاسترشاد، فإن كان قد فعلَه ناسياً تداركَه، وإن كان فعلَه عامِداً وهو صحيحٌ في نفس الأمر، بَيّنه له:
984 - فقد روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أُسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: " دفعَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) من عَرَفَةَ حتى إذا كان بالشِّعب نزلَ فَبالَ ثم توضأ، فقلتُ: الصلاةَ يا رسول الله، فقال: الصَّلاةُ أمامك "