وعليكم بالواو، فهل يكون جواباً؟ فيه وجهان لأصحابنا، ولو قال المبتدئ: سلام عليكم، أو قال: السلام عليكم، فللمُجيب أن يقول في الصورتين: سلام عليكم، وله أن يقول: السلام عليكم، قال الله تعالى: (قالُوا سَلاماً، قالَ سَلامٌ) قال الإِمام أبو الحسن الواحديّ من أصحابنا: أنت في تعريف السلام وتنكيره بالخيار، قلت: ولكن الألف واللام أولى.
708 - فصل:
روينا في " صحيح البخاري " عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تُفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلَّم عليهم سلَّمَ عليهم ثلاثاً ".
قلت: وهذا الحديث محمولٌ على ما إذا كان الجمعُ كثيراً، وسيأتي بيان هذه المسألة وكلام الماوردي صاحب " الحاوي " فيها إن شاء الله تعالى.
فصل:
وأقل السَّلام الذي يصيرُ به مؤدّياً سنّة السلام أن يرفع صوته بحيث يُسمع المسلَّم عليه، فإن لم يُسْمعه لم يكن آتياً بالسلام، فلا يجب الردّ عليه.
وأقلّ ما يسقط به فرض ردّ السلام أن يرفع صوتَه بحيث يسمعه المسلِّم، فإن لم يسمعه لم يسقط عنه فرض الردّ، ذكرهما المتولي وغيره.
قلت: والمستحبّ أن يرفع صوته رفعاً يسمعه به المسلَّم عليه أو عليهم سماعاً محققاً، وإذا تشكك في أنه يسمعهم، زاد في رفعه، واحتاط واستظهر، أما إذا سلَّم على أيقاظ عندهم نيام، فالسنّة أن يخفضَ صوتَه بحيث يَحصل سماعُ الأيقاظ ولا يستيقظ
النيام.
709 - روينا في " صحيح مسلم " في حديث المقداد رضي الله عنه الطويل قال: " كنّا نرفع للنبيّ صلى الله عليه وسلم نَصيبه من اللبن، فيجئ من الليل فيسلّم تسليماً لا يُوقظ نائماً ويُسمِع اليقظانَ، وجعل لا يجيئني النوم، وأما صاحباي فناما، فجاء النبيّ صلى الله عليه وسلم فسلَّم كما كان يُسلِّم " والله أعلم.
فصل:
قال الإِمام أبو محمد القاضي حسين، والإِمام أبو الحسن الواحدي وغيرهما من أصحابنا: ويُشترط أن يكون الجواب على الفور، فإن أخَّرَه ثم ردّ لم يعدّ جواباً، وكان آثماً بترك الردّ.