وإن كان قد أوصاه أحدٌ بالسَّلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: السَّلام عليكَ يا رسولَ الله من فلان بن فلان، ثم يتأخرَ قدر ذراع إلى جهة يمينه فيُسلِّم على أبي بكر، ثم يتأخرُ ذراعا آخر فسلام على عُمر رضي الله عنهما، ثم يرجعُ إلى موقفه الأوّل قُبالة وجهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتوسلُ به في حقّ نفسه، ويتشفعُ به إلى ربه سبحانه وتعالى، ويدعو لنفسه ولوالديه وأصحابه وأحبابه ومَن أحسنَ إليه وسائر المسلمين، وأن يَجتهدَ في إكثار
الدعاء، ويغتنم هذا الموقف الشريف ويحمد الله تعالى ويُسبِّحه ويكبِّره ويُهلِّله، ويُصلِّي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويُكثر من كل ذلك، ثم يأتي الروضةَ بين القبر والمنبر فيُكثر من الدعاء فيها.
573 - فقد روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما بَيْنَ قبري وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الجَنَّةِ " (?) .
وإذا أراد الخروج من المدينة والسفرَ استحبّ أن يُودِّع المسجد بركعتين، ويدعو بما أحبّ ثم يأتي القبر فيُسلّم كما سلَّم أوّلاً، ويُعيد الدعاء، ويُودّع النبيّ صلى الله عليه وسلم ويقول: " اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْ هَذَا آخِرَ العَهْدِ بِحَرَمِ رَسُولِكَ، وَيَسِّرْ لي العَوْدَ إِلى الحَرَمَيْنِ سَبِيلاً سَهْلَةً بِمَنِّكَ وَفَضْلِكَ، وَارْزقْنِي العَفْوَ والعَافِيةَ في الدُّنْيا والآخِرَةِ، وَرُدَّنا سالِمِينَ غانِمِينَ إلى أوْطانِنا آمِنِينَ ".
فهذا آخرُ ما وفّقني الله بجمعه من أذكار الحجّ، وهي وإن كان فيها بعض الطول بالنسبة إلى هذا الكتاب، فهي مختصرة بالنسبة إلى ما نحفظه فيه، والله الكريم نسأل أن يوفِّقنا لطاعته، وأن يجمعَ بيننا وبين إخواننا في دار كرامته.