وقد رأيتُ أن أُقدِّم في أوّل الكتاب باباً في فضيلة الذكر مطلقاً أذكر فيه أطرافاً يسيرة توطئةً لما بعدها، ثم أذكرُ مقصود الكتاب في أبوابه، وأختمُ الكتابَ إن شاء الله تعالى بباب الاستغفار تفاؤلاً بأن يختم الله لنا به، والله الموفِّق، وبه الثقة، وعليه التوكل والاعتماد، وإليه التفويضُ والاستناد.
قال الله تعالى: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أكْبَرُ) (?) [العنكبوت: 45] وقال تعالى: (فاذْكُرُونِي أذْكُرْكُمْ) [البقرة: 152] وقال تعالى: (فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ المُسَبِّحينَ لَلَبِثَ في بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [الصَّافات: 143] وقال تعالى: (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ والنَّهارَ لاَ يَفْتُرُونَ) [الأنبياء: 20] .
وروينا في صحيحي إمامي المحدثين: أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الجعفي مولاهم، وأبي الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القُشيري النيسابوري رضي الله عنهما بأسانيدهما، عن أبي هريرة رضي الله عنه، واسمه عبد الرحمن بن صخر على الأصح من نحو ثلاثين قولاً، وهو أكثر الصحابة حديثاً، قال:
12 - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كَلِمَتَانِ خَفِيفَتانِ على اللِّسانِ، ثَقِيلَتَانِ في المِيزَانِ،
حَبيبَتَانِ إلى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ العَظيمِ) وهذا الحديث آخر شئ في صحيح البخاري.
13 - وروينا في (صحيح مسلم) عن أبي ذرّ رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أُخْبِرُكَ بِأَحَبِّ الكَلامِ إلى اللَّهِ تَعالى؟ إِنَّ أحَبَّ الكَلام إلى اللَّه: سُبحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ) وفي رواية: سُئل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أيّ الكلام أفضل؟ قال: ما اصطفى الله لملائكته أوْ لعبادِهِ: سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ) .
14 - وروينا في (صحيح مسلم) أيضاً عن سَمُرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحَبُّ الكَلامِ إلى اللَّهِ تَعالى أرْبَعٌ: سُبْحانَ اللَّهِ، والحمد لله، ولا إله إلا الله، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، لا يَضُرّكَ بِأَيَّهِنَّ بَدأتَ) .
15 - وروينا في (صحيح مسلم) عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ، والحَمْدُ لِلِّهِ تَمْلأُ المِيزَانَ، وَسُبْحانَ اللَّه والحَمْدُ لِلِّهِ تَمْلآنِ، أَوْ تَمْلأُ - مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ) .