وقد كتب العقاد كتابًا عن نشأة العقيدة أسماه (الله) تفاجئك وتَفْجَئُكَ مقدمته بهذه العبارة: موضوع هذا الكتاب نشأة العقيدة الإلهية منذ أن اتخذ الإنسان ربًا إلى أن عرف الله الواحد، واهتدى إلى نزاهة التوحيد، ثم قال: "الرجوع إلى أصول الأديان في العصور الجاهلية الأولى لا يدل على بطلان التدين، ولا على أنها تبحث عن محال، فكل ما يدل عليه أن الحقيقة الكبرى أكبر من أن تتجلى للناس كاملة شاملة في عصرٍ واحدٍ، وأن الناس يستعدون لعرفانها عصرًا بعد عصر وطورًا بعد طور، وأسلوبًا بعد أسلوب، كما يستعدون لعرفان الحقائق الصغرى على نحو أصعب، وأعجب من استعدادهم، لعرفان هذه الحقائق التي يحيط بها العقل، ويتناولها الحس والعيان".
واستدلوا على رأيهم بما يلي: أن الإنسان أخذ يتطور حضاريًا واجتماعيًا من سكنى الكهوف وأغوار الجبال إلى السكنى في البيوت المتخذة من الوبر والشعر، ثم البيوت المصنوعة من الطين، ثم القصور الضخمة، ومتع الحياة إلى آخره، فإذا كان كذلك، فلابد وأن يكون الإنسان قد تطور في العقيدة كذلك من عبادة الطبيعة، والأرواح إلى الإله الوحي.
الدليل الثاني: وجود بعض القبائل المتخلفة في استراليا ووسط أفريقيا، وبعض سكان أفريقيا، وبعض سكان أمريكا ما زالوا يعبدون الأصنام والأوثان، وهم مع ذلك متخلفون اجتماعيًّا، فهناك ارتباط بين هذا التخلف الاجتماعي وبين العقائد الدينية الباطلة المبنية على الأوهام والأساطير.
الثالث: كما يستدلون بالقرآن الكريم، وهو ما ورد في سورة الأنعام في قصة إبراهيم -عليه السلام- في الآيات الكريمة: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ