أسلوب ينم عن التردد والحيرة، وعدم العناية بالبحث الجدي أكثر مما يعبر عن روح التسامح الديني، الذي ينسب إلى ذلك العهد، فالتعبير بالتسامح هنا تعبير غير محرم، واستنباط غير موفق من عادة اعتادها بعضهم إذ ذاك، وهي أنهم كانوا لا يلتزمون شعائر دين معين، بل يشتركون في عبادات متنوعة من ديانات شتَّى باعتبارها كلها رموز الحقيقة الواحدة، فهذا المسلك لا يدل على احترام كل متدين لديانة غيره، وهو معنى التسامح والإرضاء، بل يدل على الانحلال، وعدم الركون إلى دين ما.

العصر المسيحي:

وفي منتصف القرن الأول بعد الميلاد دخلت الدعوة المسيحية إلى أوربا في صورة دين سماوي جديد، يأبى أن ينتظم في سلك مع الأديان الوثنية السابقة، ويحاول أن يظهر عليها ويحل محلها، وكان ما كان من احتكاك وصراع، وتفاعل وامتزاج بينه وبين تلك الديانات المحلية، ثم بينه وبين المذاهب المستحدثة في عهده مثل: الديانة المانوية التي ظهرت في القرن الثالث بعد الميلاد، والفلسفة الأفلاطونية الحديثة في القرن الثالث أيضًا.

وكان ما كان من اضطهادات، ومقاومات عنيفة شنَّها أباطرة الرومان على دُعاته وأتباعه، حتى جاء الإمبراطور قسطنطين أول القرن الرابع فدعا في أول الأمر إلى المهادنة الدينية العامة، ثم أعلن المسيحية دينًا رسميًّا للدولة على الصورة التي وضعها المجمع المنعقد بأمره في نيقية سنة ثلاثمائة وخمس وعشرين ميلادية، وقد كان ألمع اسم في قائمة المدافعين عن المسيحية المعارضين للنحل الجديدة المنافسة لها، هو اسم القديس أوغسطين، وهو أسقف كان قد اعتنق المانوية قبل أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015