ولهذا قال -عليه الصلاة والسلام-: ((اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) كذا قال -عليه الصلاة والسلام-: ((ألا إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد؛ فإني أنهاكم عن ذلك)) كما روت أم حبيبة وأم سلمة -رضي الله عنهما-: ((أنهما رأتا كنيسة بالحبشة فقال -عليه الصلاة والسلام-: أولئك إذا مات فيهم العبد الصالح، أو الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًّا، وصوروا فيه تيك الصور، أو تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة))، إلى آخر الأحاديث الواردة في هذا الشأن.
مما يدل على أن الغلو في حب الأنبياء والصالحين سبب كبير في انحراف الناس عن حقيقة التوحيد وعن الدين الصحيح.
ثالثًا: اتباع الموروثات، والتقليد الأعمى تلك التي ورثها الأبناء عن الآباء دون تردد ودون إعمال للعقل والفكر، وإبطال ما أنعم الله عليهم من نعمة العقل والفكر، وقد قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} (البقرة: 170) وعلى نحو ما ذكر لنا القرآن الكريم في قصة نبي الله إبراهيم -عليه السلام- في موقفه مع قومه في مثل قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} (الشعراء: 69 - 82).