كما أنه تذكر الشريعة، ويراد بها الفقه في بعض الأحيان من باب إطلاق العام ويُراد به الخاص، وذلك في مثل قولنا: عقيدة وشريعة. ويقول الشاطبي -رحمه الله- في تعريف الشريعة أيضًا: "إن معنى الشريعة أنها تحدُّ للمكلفين حدودًا في أفعالهم وأقوالهم، واعتقاداتهم، وهو جملة ما تضمنته، ومعنى هذا أن الشريعة مرادفة للدين، وليس يُراد بها الفقه وحده؛ لأن الفقه لا يتعرض للاعتقادات كما هو معلوم"، وقد عرفت اللغة العربية كلمة شريعة قبل كلمة فقه بزمن طويل، ذلك بأننا نجد مادة شرع ومشتقاتها وردت في كثير من القرآن الكريم، بل نجد كلمة شريعة نفسها جاءت في قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا} (الجاثية: 18) وهذا في مقابل الشرائع السابقة.
وفي بيان الفرق بين الدين والشريعة يقول أبو هلال العسكري: "الفرق بين الدين والشريعة هو أن الشريعة هي الطريقة المأخوذة فيها إلى الشيء، ومن ثمَّ سُمي الطريق إلى الماء شريعة ومشرعة، وقيل الشارع لكثرة الأخذ فيه، والدين ما يُطاع به المعبود، ولكل واحد منها شريعة، والشريعة في هذا المعنى نظير الملة، إلا أنها تفيد ما يفيد الطريق المأخوذ ما لا يفيد الملة، ويقال: شرع في الدين شريعة، ولا يقال طرق فيه طريقًا، والملة تفيد استمرار أهلها عليها". وجاء في (مقاييس اللغة) لابن فارس: "الشين والراء والعين أصل واحد، وهو شيء يفتح في امتداد يكون فيه، من ذلك الشريعة، وهو مورد الشاربة الماء اشتق من ذلك الشرعة في الدين والشريعة".