الأربعة ودخولها في بطنه، ولم يعد يظهر منها سوى الأطراف، وجمع المالك أشهر الأطباء لعلاج الجواد لكنهم عجزوا وأصيبوا بالحيرة أمام هذا المرض العجيب، وبلغ الخبر زرادشت وهو في السجن، فأرسل إلى الملك أخبره أنه يمكنه علاج الجواد، فجيء به على الفَور، فلما حضر طلب من الملك شروطًا تتحقق إذا أبرأ الجواد، فَقبل الملك ونفذ الشروط بالفعل؛ حيث آمن به حينما برأت ساقه الأمامية اليمنى، وآمن ابنه حينما برأت ساقه الأمامية اليسرى، وآمنت الملكة مع شفاء الساق الثالثة، وحاكم المتآمرين على زرادشت بعد شفاء الساق الرابعة.
ومضت الأيام والخوارق تظهر لزرادشت حتى تم له النصر، وانتشرت دعوته في إيران بمساعدة الدولة وعلى رأسها الملك والأمراء، وبعد أن اتجه زرادشت بدعوته إلى مملكة توران التي رفضت الدعوة، واشتبكوا في حرب مع الإيرانيين، وحاصروا مدينة بلخ واستولوا عليها وأقبلوا على زرادشت وهو يصلي في المعبد، وطعنوه في ظهره فسقط صريعًا، ومعه عدد كبير من الكهنة، وكان ذلك في سنة ثمانمائة وثلاث وخمسين قبل الميلاد تقريبًا، وعمره سبعة وسبعون عاما.
ولكن هل يعتبر زرادشت رسولًا من الله تعالى لقومه؟
هنا يختلف علماء الأديان؛ حيث يذهب البعض إلى التسليم بسائر ما رويناه في نشأته، ويرى ما فيها من إرهاصات ومعجزات، وقيام زرادشت بدعوة قومه إلى توحيد الإله أهورامزدا دليلًا على رسالته ونبوته، ويمثل هذا الاتجاه الأستاذ حامد عبد القادر في كتابه (زرادشت الحكيم نبي قدامى الإيرانيين)؛ حيث يقول: "إن هذا الرجل إذا قيس بمقياس التاريخ، وجب أن يعدّ في صف كبار الأنبياء الذين ظهروا في شتى البيئات والعصور، وأرشدوا الناس إلى طريق الحق والخير؛ لما