وعبادات الصينيين لا تعدو إلا أن تكون غناءً ورقصًا وموسيقى، ولم يكن الصينيون القدماء يؤمنون بجنة ولا نار ولا ثواب ولا عقاب، ولقد أخذ "كنفشيوس" بكل هذه العقائد ولم يزد عليها، فلم يؤمن باليوم الآخر ولم يفكر في حياته بعد الموت، بل كان كل همه في إصلاح الحياة الدنيا. هذا والفيلسوف الحكيم الذي لا تزال الصين تجله على اختلاف مللها ونحلها وشيوعيتها أيضًا، وله آراؤه الخلقية التي لا تزال في الصين نبراسًا يهتدى به.
ويجدر بنا أن نقول: إن ذلك الحكيم لم تكن عنايته الكبرى متجهة إلى تأليف كتب، ولكن عنايته اتجهت إلى تكوين نفوس.
وكما كانت الصين كانت اليابان في اتخاذها للكنفشوسية دينًا ومذهبًا، وما اختلط بها من الأساطير، ثم ما داهمها بعد ذلك من شيوعية وإلحاد.
وفي الأخير نذكر الصين كمثال لمسألة عدم تطور الأديان، حيث يقال: بأنها ليس من أمم الرسالات الدينية، ولم تحظَ في تاريخها القديم شيئًا من ذلك، فكيف كانت معتقداتها؟ وهل تصبح دليلًا يؤيد قضيتنا في عدم تطور الدين أم ينقضها؟
فلقد اصطلح علماء مقارنة الأديان على أن الصين على اتساع رقعتها وكثرة شعوبها، قد اختبرت جميعَ أنواع العبادات، ولكنها على الرغم من ذلك لم تحظ برسالة دينية واحدة تنشأ فيها، فلم تخرج للعالم قيمًا دينيةً تصدر منها، ولكنها أرضت العقلَ الفطري الباحث عن الألوهية بمعتقدات وردت إليها من الخارج قديمًا وحديثًا كعقائد البوذية، والمجوسية، والمسيحية، والإسلام، ولم تعط أمة عقيدتها باستثناء اليونان التي أخذت عنها رحلة "كنفشيوس" الحكيم المشهور.
ومن الجائز جدًّا كما يقول "ولز": إن أقدم حضارات الصين كانت حضارة سمراء كما كانت مماثلة في طبيعتها لأقدم الحضارات المصرية والسومارية، ومهما يكن