بالتطور والترقي يقضي بظهور التوحيد في المرحلة الأخيرة من التطور، بينما التوحيد وُجِدَ في الهند منذ البداية.
يقول "ماكس مولر": أيًّا كان العصر الذي تم فيه جمع الأناشيد المستورة في الريجفيدا، فقبل ذلك العصر كان قبل الهنود مؤمنون بالله الواحد الأحد الذي لا هو بذكر ولا بأنثى، ولا تحده أحوال التشخيص وقيود الطبيعة الإنسانية، وقد ارتفع شعراء الفيدا في الواقع إلى أوج سام، سام في إدراكهم لحقيقة الربوبية، إنه إدراك أرفع وأعلى مما يطيف بأذهان قوم يدعون أنفسهم بالمسيحيين، بل إن البوذية والجينية وهما تنكران الإله ولا يعترفان بالعديد من التعاليم الهندوسية، جاءت متأخرةً، مما يؤكد أن الدين في الهند كان يتردى في كثير من الحالات.
ويقول أصحاب هذا الاتجاه: بأن عقيدة التوحيد عند الهنود دخلها تحريف البشر، ولهذا نرى الكتب الهندوسية تتضمن التوحيدَ مع التعدد، وتنكر النبوة، وتحيط الآلهة بالأساطير، وتقدس نظامَ الطبقات، وكل ذلك ألوان من التحريف، كما أن البوذية والجينية لا تزيد عن هذه الاتجاهات المحرفة، ومن الممكن تفسير تناقضات موجودة في أديان الهند على هذا، بأن البعض يرجع إلى الدين الحقيقي كالإيمان بالجنة والنار، والإيمان بقوة الروح، ويرجع البعض الآخر إلى التحريف والتأليف البشري.
إن الرسالات السماوية برغم كتبها المقدسة وتعاليمها الرشيدة تظهر مع الأفكار المحرفة والاتجاهات الضالة، ولذلك لا تلبث الفرق العديدة إلا وتظهر مدعيةً تبعيتها للرسالة الإلهية، بل وتزعم أنها الوحيدة المتمسكة بالحق، إن هذا يؤكد الاتجاه الثاني، ويشير إلى أن دخول التحريف في أي دين ممكن.