وقال أبو هلال العسكري في كتابه (الفروق اللغوية): "الملة اسم لجملة الشرائع، والدين اسم لما عليه كل واحد من أهل الشرائع، ويقال لخلاف الذمي: الملي؛ لأن الملة اسم للشرائع مع الإقرار بالله، والدين ما يذهب إليه الإنسان ويعتقد أنه يقربه إلى الله، وإن لم يكن فيه شرائع مثل دين أهل الشرك، وكل ملة دين، وليس كل دين ملة، واليهودية ملة؛ لأن فيها شرائع، وليس الشرك ملة، وإذا أطلق الدين فهو الطاعة العامة التي يجازى عليها بالثواب مثل قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (آل عمران: 19)، وقيل: الملة هي الدين، وفي الحديث ((لا يتوارث أهل ملتين)).
ويتابع أبو هلال العسكري حديثه قائلًا: "وسميت الملة ملة لاستمرار أهلها عليها، وقيل أصلها التكرار من قولك: طريق مملول إذا تكرر سلوكه، حتى تواطأ، ومنه الملل وهو تكرار الشيء على النفس حتى تضجر، وقيل: الملة مذهب جماعة يحمي بعضهم لبعض عند الأمور الطارئة وأصلها المليلة، وهي ضرب من الحمى، ومنه الملة بالفتح موضع النار، وذلك أنه إذا دُفن اللحم وغيره تكرر عليه الحمي حتى ينضج، وفي أصل الكلمة أمللت أو أمليت الكتاب، وفي قوله تعالى: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} (البقرة: 282)، وفي ذات الآية {أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} (البقرة: 282)، وكذا مللت الشيء: أعرضت عنه أي: اضجرته، وفي الحديث ((إن الله لا يمل حتى تملوا)).
وأما الملة شرعًا: فاسم لما شرعه الله تعالى لعباده على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم؛ ليتوصلوا به إلى أجل ثواب والدين مثلها، لكن تقال باعتبار الدعاء إليه، والدين باعتبار الطاعة