أما الدين السماوي فهو كامل إنه دين تام شامل؛ لأنه من وضع خالق السماوات والأرض، وعلام الغيوب الذي لا تغيب عنه صغيرة ولا كبيرة، والذي يحيط بكل شيء علمًا.
وكما عرفت الفرق بين الدين السماوي والدين الوضعي، فهلمَّ نتعرف على معنى الملة والنحلة، تلك التي أُفرد لها علم كُتب فيها كتب الملل والنحل، فما الملة وما النحلة، كذلك نريد أن نتعرف على الفرق بين الشريعة والمنهاج.
نقول وبالله التوفيق: اعلم أن الملة لغة كما يقول صاحب (القاموس): "الملة بالكسر هي الشريعة أو الدين"، ويقول الزمخشري في (أساس البلاغة): "ومن المجاز في استعمال الملة بمعنى الطريقة المسلوكة، ومنها ملة إبراهيم حنيفًا، وامتل فلان ملة الإسلام"، وعليه فالفرق بين الدين والملة: أن الدين ما يكون عليه كل واحد من أهل الملة الواحدة، وأن الملة اسم لجملة الشرائع.
ثم بيَّن الراغب الأصفهاني الفرق بين الملة والدين فقال: "والفرق بين الملة والدين أن الملة لا تضاف إلا إلى النبي -عليه السلام- التي تستند إليه نحو {فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} (آل عمران: 95) {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي} (يوسف: 38) ولا تكاد توجد مضافة إلى الله، ولا إلى آحاد أمة النبي -صلى الله عليه وسلم، ولا يستعمل إلا في جملة الشرائع دون آحادها، فلا يقال ملة الله، ولا يقال ملتي، كما يقال دين الله وديني، ولا يقال للصلاة ملة الله، فالملة تُضاف إلى من أضيف إليه، والدين يضاف إلى من يعتنقه ويؤمن به.