يلاحظ في هذه الأنشودة الإيمان بالإله المسمى فارونا، بصفاته التي ينفرد بها، كما يتضح منها رغبة الإنسان في إفناء ذاته مع الإله، وهذا يشير إلى إيمانهم بوحدة الوجود، ومع هذا نجد كتبًا مقدسة تشير إلى آلهة أخرى، حيث نجد الإيمان بإله آخر هو أَجْنِي إله النار، وهو إله مخيف رهيب ينزل الأذى بالعصاة، مهمته تأديب العصاة والمذنبين.
ونجد عندهم أيضًا إله الشمس يسمى سِفْتَر، ومهمته تتركز في إثارة الأفكار الجميلة، بمعنى أنه يوحي فتثور الأفكار؛ ذلك لأن الشمس كما توقظ الناس للعمل كذلك توقظ روح الإنسان، فشعاعها رمز لنور باطني له تأثيره الكبير، وعلى هذا النمط وجدت آلهة متعددة في بلاد الهند، حتى كان القرن التاسع قبل الميلاد، وفيه عمل الكهنة الهنود على جمع الآلهة في إله واحد، في محاولة منهم للتوفيق بين التوحيد والتعدد فقالوا: إن الله واحد، وهو الذي أخرج العالم من ذاته، وأطلقوا عليه ثلاثة أسماء: فهو برهمة من حيث هو موجد، وهو فِشنو من حيث هو حافظ، وهو سِيفا من حيث هو مهلك.
جاء في كتب الهند أن كاهنًا توجه إلى الآلهة الثلاثة، وسألهم أيكم الإله بحق؟ فأجابوا جميعًا: اعلم أيها الكاهن أنه لا يوجد أدنى فارق بيننا نحن الثلاثة، فإن الإله الواحد يظهر بثلاثة أشكال بأعماله مِن خلق وحفظ وإعدام، ولكنه في الحقيقة واحد، فمن يعبد أحد الثلاثة فكأنه عبدها جميعًا أو عبدَ الواحد الأعلى، ويبدو أن محاولة الكهنة في هذا الجمع لم يحظ بإيمان الهندوسيين، فهم يؤمنون بالعديد من الآلهة ويعتبرون الثلاثة آلهة، يستقل كل واحد منهم عن الآخرين.