وبعضها تعرض للضياع بفعل الأرض أو بفعل الإنسان، ويكفي أن نعرف أن بعض الناس اتخذ من سرقة الآثار وبيعها مهنة له، ومع الحذر فإن ما اكتشف وما أَجهد العلماء أنفسهم في ترتيبه كافٍ لأنْ يوجهنا إلى معرفة ما كان عليه قدماء المصريين، وقد سبقت الإشارة إلى أساسيات العقيدة المصرية، واشتمالها على توحيد الله، وفي ذات الوقت على تعدد الآلهة، مما جعل العلماء يذهبون في تفسيرها إلى المذاهب الثلاثة التي أشرت إليها، وأمام هذه المذاهب نقف قليلًا متأملين لنرجح الأقوى من بينها.
إن الاتجاه الأول قائم على أساس التطور في العقيدة، وقد سبق الرد عليه عند الكلام عن هذه القضية، مع ما عليه من جملة مآخذ، وهي دخول التصور الذهني والتخمين الخيالي، مع ما تدل عليه النصوص، وهذا لا يجوز، لجواز أن تُظهر المكتشفات عكس المتخيل، كما أن التخيل بلا دليل لا يجوز مطلقًا فكيف به في تفسير العقائد.
كذلك القول بالتطور يعني أن الصورة الأولى للعقيدة كانت بدائية، ثم أخذت في الترقي شيئًا فشيئًا، وهذا غير موجود عند قدماء المصريين؛ لأن النصوص تدل على أن الإيمان بالله الواحد، والإيمان بأنه الخالق المحاسب للناس بعد الموت ظهر في الأزمنة الموغلة في القدم، وقد سبق إيراد نصوص ترجع إلى القرن الرابع والثلاثين قبل الميلاد.
أيضًا القائلون بالتطور يرون أن مرحلة التوحيد مرتبطة بعقل الإنسان المحدود بالبيئة والزمان والثقافة، ومحال أن يتمكن هذا الإنسان من تصور الله بصفات الكمال الواجبة له، بينما نرى وصول المصريين إلى صفات الكمال التي تتصف