قسيمًا للذات بتاتًا. هل يمكن القول بأن القرص شكا للأشعة ما نزل به من بلاء مثلًا؟ ذاك ما لا يتصوره ذوو لب. إن هذا الكلام كما قلت لون من اللعب بالألفاظ، ولا يصور العلاقة بين أفراد الأقانيم الثلاثة كما رسمتها الأناجيل المقدسة.
ثم ذكر الكاتب دليلًا آخر على أن التثليث هو التوحيد فقال: "أقول لك عن إنسان اسمه إبراهيم، إبراهيم هذا في بيته وسط أولاده يدعى ربًا لأسرته، وينادونه يا أبانا يا إبراهيم، إبراهيم هذا ذهب يومًا إلى البحر، فإذا الجموع محتشدة وإنسان يغرق وليس من ينقذه، فما كان منه إلا أن خلع ملابسه وارتدى لباس البحر، وأسرع وأنقذ الغريق، فهتف المتجمهرون ليحيا المنقذ إبراهيم.
ذهب بعد ذلك إلى عمله، وإذ كان يعمل بالتدريس ويشرح للتلاميذ، وصاروا ينادونه المعلم إبراهيم، فأيهم إبراهيم الأب أم المنقذ أم المعلم؟ كلهم إبراهيم وإن اختلفت الألقاب مع الوظائف وهكذا أيضًا، والله خلق فهو الأب، الله أنقذ فهو ابن، الله يعلم فهو الروح.
نقول: هذا الكلام أوغل من سابقه في خداع النظر، فإن الضابط قد يرتدي في الجيش ملابسه العسكرية، وقد يرتدي في عطلته الملابس المدنية، وقد يرتدي في بيته ملابس النوم، ولم يقل مجنون ولا عاقل: إن هؤلاء ثلاثة وأنهم واحد، ولا يتصور أحد أن الضابط بزيه العسكري يصدر حكمًا بالإعدام على الضابط نفسه بزيه المدني، أو أن هذا المدني يقول لعسكري: لماذا قتلتني أو لماذا تركتني".
وبعد هذا الرد العقلي مختصرًا أنادي على أهل الكتاب: {يَا أَهْل الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ