ولنتكلم عن كل واحد من هذه العناصر فنقول أولًا: عقيدة التثليث بألسنة وأقلام المسيحيين:
قال الدكتور برست في (تاريخ الكتاب المقدس): "طبيعة الله عبارة عن ثلاثة أقانيم متساوية: الله الأب، والله الابن، والله الروح القدس، فإلى الأب ينتمي الخلق بواسطة الابن، وإلى الابن الفداء، وإلى الروح القدس التطهير. ويفهم من هذا أن الأقانيم الثلاثة عناصر متلازمة لذات الخالق.
وقد فسر هذا المعنى القس بوتر في رسالة صغيرة سماها (الأصول والفروع) وإليك ما جاء فيها: "بعدما خلق الله العالم وتوج خليقته بالإنسان، لبث حينًا من الدهر لا يعلن له سوى ما يختص بوحدانيته، كما يتبين ذلك من التوراة، على أنه لا يزال المدقق يرى بين سطورها إشارات وراء الوحدانية؛ لأنك إذا قرأت فيها بإمعان تجد هذه العبارات: كلمة الله، أو حكمة الله، أو روح القدس، ولم يعلم من نزلت إليهم التوراة ما تكنه هذه الكلمات من المعاني؛ لأنه لم يكن قد أتى الوقت المعين الذي قصد الله فيه إيضاحه على وجه الكمال والتفصيل.
ومع ذلك فمن يقرأ التوراة في ضوء الإنجيل يقف على المراد؛ إذ يجدها تشير إلى أقانيم في اللاهوت، ثم جاء المسيح إلى العالم، ران بتعاليمه وأعماله المدونة في الإنجيل أن له نسبة سرية أزلية إلى الله، تفوق الإدراك، ونراه مسمى في أسفار اليهود كلمة الله، وهي ذات العبارة المعلنة في التوراة.
ثم لما صعد إلى السماء أرسل روحه ليسكن بين المؤمنين، قد تبين أن لهذه الروح أيضًا نسبة أزلية إلى الله فائقة كما للابن، ويسمى الروح القدس، وهي ذات العبارة المعلنة في التوراة كما ذكرنا.