وهاك شيء من الدليل على سبيل الإشارة والإجمال لا على سبيل التوضيح والتفصيل؛ فنقول: إن أهل الكتاب لا يوجد عندهم سند متصل لكتاب من كتب العهد القديم والجديد، وليس عندهم أدنى دليل على أن سِفرًا من الأسفار كتب بواسطة النبي فلان ووصل إلينا بالسند المتصل بلا تغيير ولا تبديل، والإسناد إلى شخص ذي إلهام لمجرد الظن والوهم لا يكفي في الإثبات؛ بل دعوى الإلهام مردودة وباطلة؛ كما سنتبينه -إن شاء الله تعالى- بل ثبت لديهم أن الكثير من الأسفار هي من الأكاذيب المصنوعة، ولا حجة في شيء لا يثبت صحة إسناده لقائله، "والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال"، ولقد اعتذر بعضهم عن ذلك لوقوع المصائب والفتن على المسيحيين لمدة ثلاثمائة وثلاث عشرة سنة؛ فنحن ليس أمامنا أي إسناد لهم، وما رأينا فيها شيئًا غير الظن والتخمين ... يقولون بالظن ويتمسكون ببعض القرائن، وإن الظن في هذا الموضوع لا يغني شيئا.
نقول أيضًا: إن هذه الكتب مملوءة بالاختلافات والأغلاط، وقد أشرت عند الكلام عن التوراة إلى بعض الاختلافات في التوراة، وتلك بعض الإشارات في الأناجيل:
- من قابل بيان نسب المسيح الذي في إنجيل متى بالبيان الذي في إنجيل لوقا وجد ستة اختلافات.
- وكذلك الاختلافات حول مكان إقامته، ومدة إقامته، وانتقاله إلى مصر أو إلى أورشليم.
- وقصة التموج والهيجان في البحر بعد وعظ الأمثال في مرقص، وبعد وعظ الجبل في متى في الإصحاح الثامن، وبعد وعظ الأمثال في الإصحاح الثالث عشر.
- كتب مرقص في الإصحاح الحادي عشر أن مباحثة اليهود والمسيح كانت في اليوم الثالث من وصوله إلى أورشليم، وكتب متى في الإصحاح الحادي والعشرين أنها كانت في اليوم الثاني؛ فأحدهما غلط.