وما ذكر عن الأنبياء هناك من فواحش واتهامات يقال هنا كذلك في عقيدة النصارى ما لم يكذبوه ويرفضوه؛ ولكن شيئًا من ذلك لم يحدث؛ فهي إذن عقيدتهم في الأنبياء مضافًا إليها ما زعموه في تقديس الأنبياء حتى وصولهم إلى درجة البنوة لله أو الألوهية، وكذلك الزعم للحواريين بأنهم رسل، ولا عصمة لهم ولا معجزة تؤيدهم، في الوقت الذي أنكروا فيه نبوة النبي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- كاليهود أيضًا؛ وقد ثبتت نبوته في الإنجيل كما في التوراة، وما ذكر في التوراة من تعصب يذكر هنا أيضًا في معتقدات النصارى وفي مصدرهم؛ لأنه كتابهم المقدس، والتوراة شريعتهم قبل الإنجيل، وما جاء عيسى ليغير منها حرفًا بل يكمل؛ والإنجيل ما هو إلا بشارة وأخلاق روحية؛ فالتوراة إذن مصدرهم الأول الذي يستقون منه تشريعاتهم وأحكامهم -وإن ادعى بعضهم نسخ بعض أحكامها؛ كما هو مذكور في مواضعه في الإنجيل.
المصدر الثاني: الأناجيل الأربعة المعتمدة عندهم:
ولفظ الإنجيل مختص بكتب هؤلاء الأربعة، وقد يطلق مجازًا على مجموع كتب العهد الجديد، وهذا اللفظ معرب كان في الإنجيل اليوناني إنكليون، بمعنى البشارة والتعليم؛ كما يسمى هذا الجزء من الكتاب المقدس باسم العهد الجديد، يقابل العهد القديم: وهو التوراة، ويشتمل على سبعة وعشرين كتابًا، على رأسها الأناجيل الأربعة: إنجيل متى، إنجيل مرقص، إنجيل لوقا، إنجيل يوحنا.
ويلاحظ أن هذه هي الأناجيل الأربعة التي اعترفت بها الكنيسة، بعد أن اختارتها من عدد كبير من الأناجيل، وأصدرت قرارًا بإعدام ما عداها، واتخذت إجراءات صارمة في تنفيذ هذا القرار؛ حتى لم يبقَ منها سوى إنجيل برنابا، وهو غير معترف به أيضًا.