فهل أنتم صادقي فيه؟ فقالوا: نعم يا أبا القاسم، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أبوكم؟ قالوا: أبونا فلان، قال: كذبتم أبوكم فلان -قال الحافظ ابن حجر أي: إسرائيل، يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم -عليه السلام- قالوا: صدقت، وبررت، فقال: فهل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟ قالوا: نعم يا أبا القاسم، وإن كذبنا عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا، فقال لهم من أهل النار؟ قالوا: نكون فيها زماننا يسيرًا، ثم تخلفوننا فيها، فقال: اخسئوا فيها أي: اسكنوا فيها سكون ذلة وهوان- والله لا نخلفكم فيها أبدًا ثم قال لهم: هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟ فقالوا: نعم، قال: أجعلتم في هذه الشاة سمًّا -نسب إليه الجعل؛ لأنهم لما علموا به لم ينكروه- قالوا: نعم، قال: فما حملكم على ذلك قالوا: أردنا إن كنت كاذبًا أن نستريح منك، وإن كنت نبيًّا لم يضرك)). هكذا زعموا، وحاولوا غيرها مما يماثلها كثير بهذا نرى أن اليهود حاولوا قتل الرسول -صلى الله عليه وسلم- أكثر من مرة، ولكن الله تعالى عصمه من مكرهم ونجاه من شرهم، ويأبى الله إلا أن يتم نوره، ولو كره الكافرون.
ولم يكتف اليهود بكل هذا؛ فبعد فشلهم في هذه المجادلات، وتلك المحاولات راحوا ينقضون المعاهدات، ويدبرون المؤامرات، ويقاتلون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما حدث هذا في بني قينقاع، وبنو النضير، وبنو قريظة، ولهم أحابيل شيطانية، حاولوا بها تفريق الكلمة، وتمزيق الأمة، وإشاعة البغضاء بين الأوس والخزرج مرة، وبين المهاجرين والأنصار أخرى، عاهدهم النبي -عليه الصلاة والسلام- معاهدة عدل وبر، وقسط ورحمة، ومع ذلك نقضوا عهود، فهم اليهود قتلة الأنبياء، نقضة العهود، وكما قال القائل: لو تركت الحمر نهيقها، والكلاب