وحكمًا وإلزامًا، وإذا نظرنا بها إلى الرباط الجامع بين الطرفين؛ كانت هي الدستور المنظم، والحكم الذي يرسم تلك العلاقة، أو المظهر المعبر عنها، فالكلمة تدور على معنى لزوم الانقياد، فالأول: ملزم بالانقياد، والثاني: ملتزم بالانقياد، والثالث: المبدأ الذي يلتزم بالانقياد له.
وكذا ينبغي التفرقة بين الدَّين بالفتح، والدِّين بالكسر، فالأول يتضمن في الأصل إلزامًا ماليًّا، والثاني يقتضي إلزامًا أدبيًّا. وهكذا يظهر لنا جليًّا أن هذه المادة بكل معانيها أصيلة في اللغة العربية، وما ظنه البعض من تناقضها، أو ما ظنه بعض المستشرقين من أنها دخيلة على اللغة العربية، أو معربة عن العبرية أو الفارسية فهو بعيد كل البعد، ولعلها نزعة شعوبية أُريد بها تجريد العرب من كل فضيلة حتى فضيلة البيان، التي هي أعز مفاخرهم، وبذا اتضح المقصود حول الكلمة اللغوية.
معنى الدين اصطلاحًا:
بعد بيان المعنى اللغوي لكلمة الدين نشرع في بيان معنى الدين من ناحية الاصطلاح، أو المعنى الشرعي، ولا شك أنه سيختلف معنى الدين في معناه الاصطلاحي، عند الذين يريدون وضع تعريف له، وذلك لأنه بادئ ذي بدء ستختلف وجهاتهم من حيث النظر إلى الدين، وقد تباين الناس فيه ما بين محق ومبطل، أو متبع لدين الحق وآخر باطل، ودين سماوي وآخر أرضي.