ولما كانت الحياة الدنيا هي غاية همهم، والمادية هي مبتغاهم الأسمى، بل شعارهم الذي يسيرون وراءه لا يضلون عنه؛ فقد صاروا نفعيين أنانيين يهدمون المبادئ من أجل ذواتهم، ويدوسون المصالح العامة في سبيل منافعهم الشخصية، فحملتهم أنانيتهم، ونفعيتهم أن يسلكوا كل سبيل ملتوٍ، وكل طريق منحرف للحصول على المال والمنافع، فلم يتورعوا عن الكذب، والخداع، والغش، والنفاق، والتضليل.
إنهم اليهود من صغيرهم إلى كبيرهم كل واحد مولع بالربح، ومن النبي إلى الكاهن كل واحد يعمل بالكذب كذا قالت توراتهم، إننا لا نجد في اليهود إلا الرياء، وملقى الأقوياء والنفاق، وأن يكون للقول ميدان، وللعمل ميدان؛ لقد أشاعوا النفاق في الأرض حتى توهم الناس أنه من لم ينافق ليس بكيس، ومن لم يتملق لم يؤت الحكمة، ومن لم يداهن؛ فهو أحمق، ومن لم يمالئ على الشر فهو داع إلى الفتنة مثير للسوء، ومن يجهر بالحق، فهو معاند مثير للشغب، لقد نشروا النفاق في الأرض كلها، وبثوا له الدعاية بأسماء مختلفة؛ فمرة بأنه الحكمة، وأخرى بأنه الكيس، وثالثة بأنه السياسة الناجحة حتى أشاعوا بين الناس أن السياسة والأخلاق لا يجتمعان؛ وذلك قول الزور، ولقد قرر الحكماء حقًّا وصدقًا أن من يقول: إن الأخلاق لا تجتمع مع السياسة لم يفهم الأخلاق، ولا السياسة، فالسياسة الفاضلة هي والأخلاق متلازمان لا ينفصلان.
إن التلمود أوجد اليهود، وجعلهم على تلك الخصال من النفاق والكذب، وشر الخصال الذي يتصف بها إنسان على الأرض، ولا حولا ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.