وهكذا، ثم توالت الكتب تترى حتى هذا العصر الحديث في كتب فاقت الحصر والعد، رسائل، وأبحاث ومسلسلات، أو سلاسل علمية كالتي كتبها الدكتور أحمد شلبي، والدكتور رءوف شلبي، والدكتور أحمد غلوش، والدكتور عبد الله سمك، والدكتور عبد الله بركات، والدكتور عمر بن عبد العزيز، مع رسائل علمية متخصصة تناولت دقائق هذا العلم وجوانبه من كل زواياه، أَفَتَرَى من الإنصاف بعد هذا أن يقال عن الإسلام: إنه لم يصنع شيئًا في تاريخ الأديان المقارنة.
ثم نأتي إلى نهضة أوربا الحديثة: بدأت أوربا الغربية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، تستيقظ رويدًا رويدًا، وتتلفت بأنظارها إلى الشرق الذي كان مبعث نورها، فجعلت تبعث إليه البعوث من رجال الدين الفرنسيسكان، والدومينيكان، حتى بلغوا في رحلاتهم بلاد الهند، والصين، واطلعوا على دياناتها، في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، وهما أول العصر المسمى بعصر البعث، أو النهضة انبعثت همتها للاطلاع بنفسها على علوم اليونان وآدابهم، وفنونهم، القديمة باللغة اليونانية، وكانت باكورة نشاطها في هذا الشأن تنقيبها عن الآثار الأسطورية، وتفسير ما ترمز إليه من عقائد أو حوادث تاريخية، ولم تلبث أن ظهرت حركة الإصلاح المسيحي البروتستانتية في منتصف القرن السادس عشر، فكانت مكملة لجانب من هذه النهضة العلمية في أوربا بما مهدت له من دراسات في اللغة العبرية، واللغات السامية الأخرى؛ بغية التفهم لنصوص التوراة والإنجيل، التي كان رجال الإصلاح يتمسكون بحرفيتها.