رحمة الله الهندي يجد فيه ما يشفي الغليل، ويداوي العليل، فليس المقام مقام توسع في نقد التوراة وإظهار تحريفها، ولكنه جاء عرضًا في الموضوع حيث نتحدث عن مصادر اليهود، والتي أولها التوراة.
وأذكر ثالثًا: أننا إذا نظرنا إلى التوراة الحالية من حيث المتن نجدها محشوة بالقصص والعبارات المتناقضة التي تتنزل الكتب السماوية الصحيحة عن ذكرها، فإذا تحدثت التوراة عن الله -عز وجل- فكأنهم يتحدثون عن إنسان أو يبدو فيها الإله أشبه بالإنسان في أحوال ضعفه وقوته، وفي ضلاله ورشده، وفي حلمه وجهله حتى لكأن الإله قد اتخذ له خيمة مع اليهود وعاش بينهم؛ ولهذا أمثلة كثيرة قَلَّ أن تخلو منها صفحة من صفحات العهد القديم، وإذا تحدثت عن نبي من الأنبياء، فكأنها تتحدث عن رعاع الناس وسفهاء الخلق، وعن أعتى الناس إجرامًا، وأحط البشرية في ارتكاب الجرائم وانتهاك الحرمات؛ لاسيما الزنا والقتل، والمكر والخداع إلى آخر تلك الصفات والموبقات.
وتتحدث في كثير من مواضعها عن الغزل والحب، وتفصيل القول في الجنس والمفاتن مما يعف اللسان عن ذكره، ويتنزه بعض الفساق أحيانًا عن قوله فضلًا عن فعله؛ فإذا وقفت على هذا، فكأنك أمام كتاب جنسٍ فاضحٍ لو لم يكن توراة مقدسة عند اليهود؛ لكان محظورًا دوليًّا ومحرمًا قانونيًّا، هذا وناهيك عن الأغلاط، والتحريفات والمتناقضات، والركاكة وسوء التعبير والتكرار من غير فائدة ولا حكمة.
فالتوراة مليئة بهذا التحريف، وهي تحدثنا عن الله -عز وجل- تنسب إليه الجهل، والتعب، والخوف والطيش، وما إلى ذلك، وتنسب إلى نوح -عليه السلام- أنه سكر