وهذا يُحَتّم إحصاء الحسنات والسيئات في أعمال البشر، لينال كل واحد جزاءه، لكن واقع الحياة يكشف أن الجزاء قد لا يحصل، ويموت الظالم دون أن ينال العقاب الذي يستحقه، والمُحسن يُقضى دون أن ينال الثواب المناسب على أعماله، والحل هو عندهم القول بالتناسخ والقول بعودة الروح، في جسد جديد وحياة جديدة وفي رتبة أعلى أو أدنى، من التي كان فيها في الحياة السابقة، والفرد بما هو فرد هو المسئول عن مصيره، أو مصيرها إذا كانت أنثى في حياتها اللاحقة، تبعا للسلوك الأخلاقي الذي يختاره.

ونظرية التقمص تبطن فكرة الارتقاء والانعتاق، من عالم المادة والشقاء، إلى عالم الآلهة، واتحاد الروح "آتما" الفردية مع براهمة، الموجود المطلق الذي لا يقاس به أي شيء من موجودات العالم، وعملية التوحد والحلول في المطلق، تحتاج إلى حالات مديدة وصارمة الزهد والتنسك والأعمال الصالحة، والترفع عن علائق المادة بأنواعها المختلفة.

ومن التقمص إلى الزهد:

فكرة الزهد وتطبيقاته العملية السلوكية، خضعت للتطور كغيرها من الأفكار والاعتقادات الهندوسية، إذ تخبر أسفار الفيدا عن أشخاص صامتين، يرسلون شعرهم ولا يحلقون ذقونهم طوال حياتهم، وتتوقف اهتماماته على التركيز والتأمل الداخليين، بهدف بلوغ حالة الرؤية المميزة للحقيقة، التي يحصل الناسك منها عند بلوغها السعادة المطلقة، التي ليس بعدها سعادة، والذي ورد في أسفار الفيدا عن هؤلاء الأشخاص، هو في الحقيقة أخبار عن الناسك الباحث عن الفنوس، "الفنوس" كنسس الذي سوف تتضح صورته أكثر في العصور

طور بواسطة نورين ميديا © 2015