وقد أشار "جوستاف لوبون": في كتابه الشهير عن الحضارة الهندية، إلى مدى نفوذ كل عرق من العرقين، الأصفر والأبيض في بلاد الهند، يقول: التورانيون هم أشد الغزاة تأثيرًا، على سكان البلاد الهندية من الناحية الجسمانية، والآريون تركوا أقوى الأثر، في عروق الهند من الناحية المدنية، وهكذا فإن سكان الهند أخذوا عن "التورانيين"، نِسب أجسامهم وأشكال وجوههم، وعن الآريين أخذوا اللغة والدين والقوانين والسجايا والطبائع.
إن التمازج بين الآريين والتورانيين، لم يحصل دفعة واحدة، إذ احتاج إلى فترة زمنية طويلة، وأتت العقيدة الدينية لترسيخ التمايز الطبقي، لتبقى الأفضلية للعنصر الآري، فتشكلت من الآريين طبقة رجال الدين البراهمة وطبقة المحاربين، ومن التورانيين تكونت طبقة الصناع والتجار.
أما الطبقة الرابعة وهي طبقة الخدم أو العبيد، فتكونت من بقايا السكان الأصليين من الهنود، ويسمون أيضًا بالمنبوذين، والاتصال بين هذه الطبقات بالتزاوج، كان محرما دينيًّا، لذلك حافظ العرق الأبيض الآري، على نقاوته واستعلائه على العناصر الأخرى.
لقد علل الباحث "ويتش" ذلك، بقوله: إن السبب في عدم اختلاط الآريين بالهنود، هو أن الآريين دخلوا الهند كشعب مهاجر لا كجيش محارب، والفرق كبير بين الحالتين، فالجيش عماده الرجال، الذين عند استتباب الأمر وبسط السيطرة، سرعان ما يتصلون بنساء الشعب المغلوب، والآريون دخلوا البلاد الهندية، ومعهم ماشيتهم ونساؤهم وأطفالهم، ولم تكن لهم حاجة للنساء للتزاوج، وعدم الحاجة هذه صاحبه استعلاء ولده النصر، ولذلك نشأت الطبقات في الهند وتعددت الألوان.
غير أن الحياة الجديدة التي باشرتها الشعوب الآرية، ونمط الإنتاج الزراعي الذي كان البديل عن النمط الرعوي والمناخ، كانت عناصر مهمة لتبديل خصالهم وتقاليدهم، وتبني خصال هندية عريقة، مثل: التوقف عن أكل لحوم الحيوانات