أما الإياردة بكسر الهمزة وفتح الراء وكسرها وفتح الدال، فهي شرح للبازند، أي شرح لشرح الشرح أو تفسير لتفسير التفسير"، يقول العلامة المسعودي في كتابه (مروج الذهب): "ثم عمل علماؤهم بعد وفاة زرادشت، تفسيرا لتفسير التفسير، وسموا هذا التفسير إياردة".

رابعا: أسفار أخرى:

هذا؛ وقد أضاف المتأخرون من الزرادشتيين، إلى كتبهم المقدسة أسفارا أخرى، منها بتدهاش وسفر الأردارديارف، ونجد في هذه الأسفار المتأخرة، بعض مسائل مكملة للتعاليم الزرادشتية، ومن هنا فإن الزرادشتيين أضافوا أسفارا أخرى، غير المصدر الأساسي الأول وهو الأستاق، حكى فيه علماؤهم بعض أمور العقيدة والشريعة، بل بعض الأمور التي حدثت لهم وشئون البلاد، ونظرا لأن كاتبها من الكهنة الزرادشتيين، فقد أصبح من المصادر، التي يرجع إليها أيضا لمعرفة أمور عقيدتهم.

وبعد هذه النظرة حول أهم مصادر الزرادشتية، نذكر ما قاله جيمس هنري برستد في كتابه (انتصار الحضارة) ترجمة الدكتور أحمد فخري عن الزرادشتية يقول: "وكانت هذه الديانة، من أنبل الديانات التي ظهرت في العالم، دعت هذه الديانة كل إنسان، وأهابت به أن يختار أحد الطريقين، إما أن يملأ قلبه بالخير والنور، أو ينغمس في الشر والظلمة، وسواء اتخذ الإنسان هذا السبيل أو ذاك، فإنه سيلاقي جزاءه ويحاسب على ما أتاه، وكانت هذه العقيدة أقدم ديانة ظهرت في أسيا، تقول بالحساب بعد البعث، ولم تكن دعوة زرادشت إلا سموا بالعقائد القديمة، التي كانت منتشرة بين أهله، ورفعا لآلهتهم القديمة إلى المثل الأعلى، ولهذا أبقى زرادشت على احترام الآريين للنار وعبادتهم لها، على أنها رمز ظاهر للخير والنور، كما احتفظ أيضا بفكرة الكهنة مشعلي النار".

ولما لم يستطع زرادشت، أن يؤثر في قومه بدعوته الجديدة، هجر الميليين وذهب إلى الفرس يدعو إلى دينه الجديد، ولعله لم يجد في السنوات الأولى، إلا القليل من الاستجابة إليه، إذ تتضح آماله ومخاوفه في تلك المجموعة الصغيرة من التراتيل التي تركها، وهي على الأرجح، كل ما وصل إلينا من أقوال ذلك النبي، فنحن نعرف شدة شغف الآريين بتربية الخيول، ولهذا لا ندهش عندما نقرأ، أن زرادشت استطاع أخيرا، أن يجعل أحد الملوك الأقوياء، يؤمن به عندما شفى جوادا كسيحا كان الملك يعتز به، وقبل أن تحين ساعة هذا النبي، كانت عقيدته الجديدة قد لاقت نجاحا كبيرا وثبت قدمها، ولم يحل عام خمسمائة قبل الميلاد، حتى كانت الزرادشتية هي الديانة الأولى بين الإيرانيين، كما قبلها أباطرة الفرس أيضا، وليس من المستبعد أن يكون الملك دارا شيد مقبرة هذا النبي، ولسنا نعرف من أقوال زرادشت، غير التراتيل التي ذكرناها آنفا، وإلى جانبها بعض تعاليمه، التي احتفظت بها بعض المؤلفات، التي جمعت في العهد المسيحي المبكر، بعد وفاة هذا النبي بعدة قرون، ويجمع هذه التراتيل كتاب الأبستا، الذي يمكننا أن نسميه إنجيل الفرس.

ويتحدث الأستاذ ميل فيقول: "نشر متحف جيمي سنة 1924، قائلا عن الأفستا: إذا حاول الإنسان قراءة الأفستا، فإنه يدرك لأول وهلة أن قراءتها مستحيلة، ذلك لأن الفصل فيها لا يتلاءم ليكون وحده، ولا يتسق أي جزء مع جزء آخر، فهي أجزاء مفككة يتلو بعضها بعضا، يصدق عليها القول: أنها مجموعة جمل مفككة لا ينظمها عقد واحد، ولا يستطيع المترجم أن ينهض بترجمة الجاثات على وجه سليم وكامل، ويذهب بعض الباحثين، إلى أن العمل القيم في الأفستا، هو تخليص النصوص الموثوق فيها من غيرها، ثم تنسيق هذه النصوص، تنسيقا يحقق الوحدة فيها".

والزرادشتية عقيدة البارسس ولا يزالون يعتنقونها إلى اليوم، وكتابه المقدس هو زندا فستا، والكلمة مركبة من كلمتين، زندا ومعناها شرح وفستا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015