سمة أخرى له، وهي سمة المعاناة؛ لأن مخلص الإنسان الأول لم يحقق انتصاراه إلى بعد هزيمة ظاهرية فقط.

لقد ارتدى الإنسان الأول درعه وشرع بالقتال مع قوى المادة والظلام والشر، وتكون درعه من خمسة من عناصره النورانية لم يشكل مجموعها درعه فحسب، بل شكل أيضًا جوهره وذاته الحقيقة وروحه، ولذلك يمكن وصفها بشكل رمزي على أنها أبناؤه الخمسة، وقد بذل الجهد خلال عملية انتقاء مجموعة متنوعة من الرموز والتعبير عن علاقة كانت في الحقيقة صعبة ومستحيلة فعلًا، ولا يمكن تحديدها داخل إطار صيغة منطقية.

عرفت العناصر النورانية باللغة السريانية باسم زيواني، وهي الهواء والريح والضوء والنار، وهزم الشيطان أمير الظلام، وحشوده أمام الإنسان الأول، وسلبوه درعه، أو وفق ما ذكرته رواية رمزية أخرى التهمت الشياطين أبناءه الخمسة، ومع ذلك كانت هذه الهزيمة مقدمة لانتصار، فقد اعتبرت طوعية إذا جاز التعبير؛ إذ نزل الإنسان الأول بمحض إرادته الحرة إلى عالم الظلام والمادة، وسمح بتبديل عناصره النورانية، وكانت نيته أن يصبح بذلك سمًّا قاتلًا للمادة، لقد التهم الظلام العناصر النورانية، وقدم لنفسه بفعله هذا مادة ذات اختلاف جوهري كانت لا تطاق كما أنها لم تفتقر إلى التشابية الأخرى، وحصل هنا كما يحصل مع القائد الذي يضحي بطليعة الجيش ويقدمها لقمة سائغة لعدو متقدم؛ لكي ينقذ الجزء الأساسي من جنوده، أو باستعارة عبارة ريفية مثل: الراعي الذي يتخلى للذئب عن شاة من قطيعه؛ كي لا يخسر القطيع كله.

وبالطريقة نفسها ضحى الإنسان الأول بروحه لشياطين الظلام، وسمح لها أن تلتهم أبناءه الخمسة، ومع هذا فقد كان ما حدث ضربة مروعة، فكثيرًا ما اتخذت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015