هذا؛ ويروي سيودوربا كونية بأن تلك الطائفة المذكورة آنفًا لم تكن قادرة على التساؤل معه، لذلك تخلصت منه، وأطلقت عبارة توأم على القرين السماوي للنبي، فمن خلال نزوله من السماء جرى تكليفه بتبليغ رسالة النبوة، ولقد كان نهج التفكير هذا إيراني المنشأ، ومعروفًا في الأنطوسية بشكل عام، وهو سيشغل فيما بعد دورًا هامًّا في الأفكار الإسلامية، وتذكر نصوص القبطية أنه تم منح ماني المعرفة الكاملة عند تبليغه بنبوته، وتروي عنه قوله في هذه السنة نفسها عندما كان الملك أردشير على وشك التتويج، نزل الفارقليط الحي، وكلمني للمرة الأولى، وأباح لي معرفة السر المحجوب عن عصور وأجيال بني البشر.
السر العميق والعالي سر النور والظلام سر الصراع والحرب الماحقة كل هذا أباحه لي، وتبع هذا على نفس المنوال ذكر جميع النقاط الأساسية للعقيدة المانوية التي يُفترض أن ماني تلقاها في فترة الوحي بسببها. وينهي ماني روايته بقوله: "وهكذا أباح الفارقليط لي وعلمني كل ما كان وما سيكون"، وبناءً على ما سبق جاء اسم الرسول السماوي هنا الفاراقليط الحي، وتذكر المصادر العربية أن ماني قد وصف نفسه بالفاراقليط الذي بشر به عيسى في الإنجيل.
هذا، ولا يمكن الطعن بهذا الادعاء بناءً على ما تقدم، بيد أنه كيف يمكن القول عندئذ أن ما يسمى بالتوأم الذي يأتي ماني، هو ذات ماني العليا تمامًا؛ لأن الفاراقليط الحي الذي هو روح القدس هو كالتوأم نفسه، فيقول يوديوس في الفصل الرابع والعشرين: ادعى ماني أنه شيء واحد مع توأمه روح القدس، وفي جميع الأحوال حتى وإن كان ماني قد خاض غمار تجربة طبيعته المشتركة مع حامل الإلهام السماوي، عندما كان في الثانية عشر من عمره، فإن الوقت لم يكن حان بعدُ بالنسبة له؛ ليظهر بوضوح بين الناس، وبقي ماني يعيش في عزلة تامة، وذلك تنفيذًا لأوامر