والتناسخ يعارض كل الدراسات العلمية وعلم الأجناس، حيث تقرر أن الولد بعض أبويه، واستمرار لهما إنه يماثلهما جسمًا ويماثلهما روحًا ومواهب، فهو يرث عن ذويه لون الجسم والعيون والشعر، ويرث القامة والصحة والمرض، ويرث المواهب والأخلاق غالبًا، ولذلك فالتناسخ شذوذ عن الفكر العلمي والطبيعي، وإذا كان التناسخ للجزاء، فماذا يقول الفكر الهندي عن الطفل الذي يموت عقب الولادة؟
إن الروح به لم تستمتع، ولم تعاقب، فليست ولادته إذًا وبعث روح شخص آخر به إلا عبثًا والتناسخ لا يفسر لنا الزيادة المطردة في التعداد، والهبوط الواسع أحيانًا في أثناء الحروب. من أين تجيء الأرواح الجديدة، وإلى أين تذهب أرواح القتلى في الحروب حيث يكون المواليد أقل من الموتى، والقول بالتناسخ تفكيك للأسرة، وتصوير لها على أنها أشتات من الناس لا روابط بينها، فكل فرد من أفرادها منحدر من فرد لا نعرفه، وعلى ما في هذا من الارتباك الاجتماعي فهو أيضًا يُخالف الملاحظ غالبًا من تقارب حظوظ أفراد الأسرة الواحدة، مما يدل على صلاتها الأسرية لا على أنها أشتات كما يرى مبدأ التناسخ.
كذا اضطراب الفكر الهندي فيما يتعلق بالإله: فيما يتعلق بالإله نجد الفكر الهندي يتراوح بين التعدد وبين الإنكار أو الإهمال، والعجيب أن موقف الجينيين والبوذيين من الاعتراف بإله كان رد فعل لسوء تصرف لطبقة من البراهمة واستبدادهم، فخاف الجينيون والبوذيون أن تتكون عندهم طبقة لاهوتية كالبراهمة إن قالوا بالإله؛ فأنكروه، أو أهملوا الكلام عنه لهذا الغرض، وذلك موقف لا يرتضى، وقد ترتب على إنكارهم الإله، أو إهمالهم الكلام عنهم أن أله الجينيون مهاوير، وأله البوذيون بوذا، كما سبق القول، وامتلأت معابدهم بالآلهة.