لأجل ذلك كانت نفوس الصينيين ترفض النزعة العقلية التي سادت العقائد الكونفشوسية، وتميل إلى عقائد مريحة تفتح لهم أبوابًا سحرية إلى عوالم واسعة من السلوى والغبطة. أما الطاوية فقد أصبحت ولألف عام عقيدة الصينيين والأباطرة والطاوية على ما فيها من غموض قدمت نفسها كطريقة للحياة تهدف إلى تأمين السلام الشخصي، وما أن جاء القرن الثاني بعد الميلاد حتى ادَّعى أتباع اللاهوتسي مؤسس الطاوية بأنه اكتشف أكثير الحياة الذي يهب شاربه الخلود، وشاع هذا الأكثير بصورة شراب أودى بحياة عدد من الأباطرة الذين أدمنوا شرابه، وحوالي عام مائة وثمان وأربعين ميلادية أوهم أحد معلمو الطاوية الناس بأنه يشفيهم من الأمراض مقابل خمس حفنات من الأرز، وخيل لبعض الناس أن سحر هذا الرجل قد شفاهم من أمراضهم.

أما الذين لم ينفع معهم السحر قيل لهم: إن سبب الفشل يعود إلى ضعف إيمانهم، وأقبل الناس على اعتناق الطاوية، وشيدوا للاوتس الهياكل والمعابد، وحكوا عنه القصص الخرافية، وقالوا بأنه ولد ولادة عجائبية، وحملت به أمه حملًا سماويًّا، وأنه ولد كهلًا كامل العقل، وكافحت باعة الطاوية لمزاحمة الكونفشوسيين في فرض الضرائب والتنعم بها إلى أن جاءت البوذية بطروحاتها التي جزيت الصيني، وأشعرته بالاطمئنان، والغبطة، ووعدته بالسلام الخالد.

البوذية التي دخلت الصين في القرن الأول الميلادي لم تكن البوذية النقية التي بشَّر بها المغبوط البوذا، وأدار عجلتها وسن نظامها التقشفي والنسكي، بل كانت ديانة فرح وبهجة دغدغت عواطف سكان الصين البسطاء، كما أن الديانة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015