العالم من الأجزاء تسير وفق هذا النظام الطبيعي، وعبد الصينيون البدائيون السماء، واعتبروها الإله الأكبر، والمنظم للعلاقات بين الأبناء والآباء، والأزواج والزواجات، والأقنان وسادتهم والسادة والإمبراطور.

اعتبر الصينيون أن نظام السموات ومسلك البشر الأخلاقي عمليتان متشابهتان؛ لأنهما شطران من النظام الشامل، أو الطاو، وكان الصينيون يقدمون في كل يوم قربانًا بسيطًا من الطعام لأسلافهم من الموتى، ويرسلون الدعوات إلى أرواحهم لاعتقادهم أن الأسلاف يعيشون بعد الموت في مملكة غير واضحة وغير محدودة، واعتقدوا أيضًا أن الأسلاف في مقدورهم إسعاد رزيتهم أو أن يشقوها.

وهكذا عظم الصينيون موتاهم وخلدوا ذكراهم، لأن في تخليد الأموات تعظيمًا للطرق القديمة التي كانوا يسيرون عليها، ويغلقون الباب في وجه البدع ويضمنون الاستقرار والسلام في أرجاء الإمبراطورية. وفعلت الديانية الكونفشوسية فعلها في المجتمع الصيني، فوسعت مجال العقائد الشعبية وضيقت نطاقها في وقت واحد، وحل كونفشيوس بفضل مراسيم الإمبراطورية المؤيدة لتعاليمه منزلة مرموقة في نفوس العامة، وأصبح في المنزلة الثانية بعد السماء نفسها، وأقاموا له الهياكل وقدموا له القرابين، إلا أن التعاليم كونفشيوس لم تكن تتضمن أية إشارة للخلود، والسماء لم تعد في المنزلة الأولى السامية، إلى أن نظام العالم أو الطاو حلَّ محلها في السمو والقداسة، ولذلك لم يحظ دين كونفشيوس بالتأييد الكامل من الشعب الصيني؛ لأن تعاليمه لا تترك مجالًا واسعًا لخيال الناس، ولا تشجع الأساطير والخرافات التي تثير البهجة والسرور والاطمئنان في نفوس العامة.

فالشعب الصيني كغيره من الشعوب يزين الحقائق الواقعية الثقيلة والمؤلمة بخوارق طبيعية، ويلجأ الأفراد إلى الأرواح المحيطة بهم يستمدون منها العون والقوة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015