الجيناوات الواحد بعد الآخر حتى ظهر الجيناواني الآخران في العصور التاريخية، أما أولهما وهو جين الثالث والعشرون فاسمه بارسوناث، وقد ولد في القرن التاسع قبل الميلاد ومات في القرن الثامن، وقد أسس نظامًا رهبانيًّا شدد فيه بضرورة الرياضيات الشاقة المتعبة، وجعل أتباعه قسمين: خاصة، وعامة، فالخاصة هم الرهبان المتبتلون الذين التزموا الرياضة الشاقة والحرمان، وتركوا الأهل والمسكن، وأخذوا يجوبون الأقطار ويطوفون في القرى والأمصار، وهذا القسم هو عمود النظام، والعامة هم الذين يؤيدون النظام بأموالهم ويمدون الرهبان بحاجاتهم مع بعد عن الفواحش وانشغال بالمكاسب من غير عنف ولا إضرار بأحد، مقتدين بالرهبان ما وسعهم ذلك.
وجاء مهاوير وهو جينى الرابع والعشرون فاعتنق مبادئ بارسواناث، وزاد عليها من فكرة وتجاربه وإلهامه، وعلا شأنه واشتهرت الطريقة باسمه، وعرف النظام بلقبه، فلا تعرف الجينية إلا منسوبة إليه. هذه هي الجينية من حيث التأسيس والنشأة.
ما هي أهم عقائد الجينية؟:
يقول أحد الفلاسفة الهنود الذي هو يدعى مولانا محمد عبد السلام الرمبوري عن الجينية: هي حركة عقلية متحرر، متحررة من سلطان الويدات، مطبوعة بطابع الذهن الهندوسي العام، أسس بنيانها على الخوف من تكرار المولد، والخوف من الحياة اتقاء شائماتها، منشؤها الزهد في خير الحياة، فزعًا من أضرارها، عمادها الرياضة الشاقة، والمراقبات المتعبة، ومعولها الجمود للملذات والمؤلمات، وسبيلها والتقشف والتشدد في العيش، وطريقها الرهبانية، ولكن غير رهبانية البرهمية، وقد داوى الجينيون الميول والعواطف بإفنائها وواصلوا في ذلك إلى إخماد شعلة الحياة بأيديهم، وافتقدوا النجاة في وجود من غير فعلية، وسرور من غير انبعاث، ذلك موجز القول في عقائد الجينية، وسنعطي فيما يلي من دراسات بعض التفاصيل لعقائد الجينية.