فالبوذية القديمة صبغتها أخلاقية، وميزتها سذاجة المنطق، وإثارة العاطفة، وطابعها الحض على الخضوع، لقوانين النظام والاهتمام بهدي شارعها، وكأنها هي التي دعا إليها بوذا نفسه، وأتبعها مريدوه وأتباعه الملازمون له.

أما البوذية الجديدة فهي عبارة عن تعاليم بوذا مختلطة بآراءَ دقيقةٍ في الكون، وأفكار مجردة عن الحياة، والنجاة مؤسسة على نظريات فلسفية وقياسات عقلية قد سمحت بها قرائح المتأخرين من الشراح، والزعماء والغالب عليها صبغة الفلسفة، وقد ارتبط التغير الفلسفي البوذي بانتشار البوذية، ودخولها أقطار كثيرة؛ فإن أتباعها هنا، وهناك أكثروا فيها القياس والتأويل حسب عقولهم، وثقافاتهم حتى بعدت عن أصلها الساذج البسيط وسنسوق فيما يلي اتجاه الفرق الفلسفية الجديدة، ويلاحظ أن أكثرها أتخذ الاعتراف بالإله أساسًا لفلسفته.

فرقة تقول بوحدانية الله، وأنه أوجد أولًا عددًا محدودًا من الأرواح، ثم ترك الإنشاء، والتعمير مكتفيًا بما وضعه في العالم من قوانين، كالبذور تسير سيرها الطبيعي بلا نهاية، وهذه الأرواح هي التي تخلق الخير والشر، فرقة ترى أنه أودع هذه الأرواح التي أرسلها للعالم قوى تستطيع منها: أن تعرف الخير من الشر من أجل ذلك لا يرسل الله رسلًا اكتفاء بذلك.

وفرقة ترى: أن الله يفرغ الكمالات الإنسانية في كل زمنٍ على إنسان يتجرد لعبادته ويبتعد عن إرضاء الشهوات الحيوانية وهذا الإنسان المختار يحل محل الإله في إظهار الرضا عن بعض الناس، أو الغضب عليهم تبعا لما يأتونه من الأعمال، ويعرفه الناس، ويلتفون حوله، وتبالغ فرقة أخرى في تعبير المعنى السابق. تقول: إن الله يحل في أية صورة يختارها من صور أفراد الإنسان حلول تطهير، وتكميل لا حلول استقرار، كاللام في البلاد التبت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015