ينجح معها إلا الثابت الضليع، فأراد أن يعرف متى استعداد مريده لتحمل ما قد يلم به من عناء، فقال له: إن رجال هذه القبيلة قساة سريعو الغضب، فإذا وجهوا إليك ألفاظ بذيئة خشنة، ثم غضبوا عليك، وسبوك فماذا كنت فاعلًا؟ فأجاب "بورنا" أقول: لا شك أن هؤلاء قوم طيبون لينوا العريكة؛ لأنهم لم يضربوني بأيديهم، ولم يرجموني بالحجارة، فإن ضربوك بأيديهم، ورجموك بالحجارة، فماذا كنت قائلًا؟ أقول: إنهم طيبون لينون؛ إذ لم يضربونِ بالعصي، ولا بالسيوف، فإن ضربوك بالعصي والسيوف؟ أقول: إنهم طيبون لينون؛ إذ لم يحرمونِ الحياة نهائيًّا، فإن حرموك الحياة؟ أقول: إنهم طيبون لينون إذ خلصوا روحي من سجن هذا الجسد السيئ بلا كبير آلام، فقال له بوذا: أحسنت يا "بورنا" إنك تستطيع بما أوتيته من الصبر والثبات أن تسكن في بلاد قبيلة "سورنا بارانتا" فاذهب إليهم، وكما تخلصت فخلصهم وكما وصلت إلى الساحل فأوصلهم معك، وكما تعزيت فعزهم، وكما وصلت إلى مقام "النيرفانا" الكاملة، فأوصلهم إليها مثلك.

فهب "بورنا" إليهم، وكانت النتيجة أن آمنوا كلهم بالبوذية واتبعوها، ومثل هذا ما ترويه الأساطير، والقصص عن دعوة قطاع الطريق لدخول النظام؛ فهؤلاء الذين فروا من الحكومات والسلاطين، ولجئوا إلى الغابات قد وصلتهم الدعوة، وأنذرتهم بأنهم إن فروا من جنود الحكومة؛ فلن يستطيعوا الفرار من الهرم، والموت، والذنوب، وطالما استجاب هؤلاء للدعوة، وسجدوا لها واتبعوها، ليتحرروا من قيد الخوف، وليعيشوا في صفاء، ولم تصل لهم هذه الدعوة إلا بعد إعداد المريدين إعدادًا عجيبًا جعلهم يسخرون من كل المتاعب، ويقدمون على نشر الدعوة ببطولة نادرة وشجاعة عديمة المثال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015