ويعد البوذيون هذا الاتجاه من بوذا مطلع خير لهم وللبشرية جمعاء، ثم يصلون ويكبرون ويعلنون سرورهم واغتباطهم، كلما وصلوا في قصة بوذا إلى هذه النقطة، وعندما استقر رأي بوذا على أن ينشر دعوته ترك غابة "بوذاكايا" إلى مدينة "بنارس" حيث كان يعيش رفاقه الخمسة الذين زاملوه في فترة جهاده وتقشفه، ولما دعاهم لمذهبه لم يبدوا أية مقاومة، فقد كان ماضيهم معه يدعوهم لقبول دعوته، ثم خطى بوذا خطوةً أخرى، وجمع حوله مجموعة من الشبان بلغ تعدادهم مائتين، وعلمهم مبادئه ولقنهم دعوته، ووكل إليهم القيام بنشرها ريثما يكمل رحلته ليرى أسرته، وقد حاولت أسرته أن تكفه عن هذه الدعوى التي صورها خيالات تبدت إليه ولكنه لم يكف ولم يغيره بريق المال، وضروب الرخاء والسعادة، وعاد إلى أتباعه حيث بدأت مظاهر النجاح تبدو له، فالتف حوله عدد كبير من الرجال والنساء، والشيب، والشبان كانوا جميعًا يتخذون من بوذا مثالًا لهم، وكان هو يحيطهم بعنايته، ويشملهم جميعًا بحدبِهِ ورعايَتِهِ.

واشتهرت دعوته بتسميتها النظام، أو عجلة الشريعة، فقد ظل بوذا يدفع عجلة الشريعة إلى الأمام أكثر من أربعين عامًا، حتى وصلت سنه الثمانين، واختار حياة المبشر المتسول مع كل ما تشتمل عليه من صعوبات وحرمان وسخرية ومقاومة، ولم يكن بوذا وحده هو الذي يدعو للنظام، وإنما اختار -كما سبق- القول نخبة من أتباعه؛ ليقوموا بالدعوةِ لها في مختلف النواحي، وتدلنا المراجع الرئيسة على أن بوذا كان يختبر الذين يقومون بالدعوة اختبارًا دقيقًا قبل أن يرسلهم لهذا الغرض.

ونسوق هنا مثالًا لهذا الاختبار، كان أحد المريدين واسمه "بورنا" يريد أن يذهب إلى قبيلة "سورنا بارانتا" لدعوتهم، وكان بوذا يعلم أن هذه القبيلة معروفة بالشراسة والخشونة، ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015