بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الرابع
(مباحث ومشكلات في ساحة الأدب المقارن في العالم العربي)
فنقول: سوف تكون نقطة انطلاقنا الكتاب الذي صدر للدكتور عبد الحميد إبراهيم عام ألف وتسعمائة وسبعة وتسعين للميلاد، عن دار الشروق في الأدب المقارن بعنوان: (الأدب المقارن من منظور الأدب العربي؛ مقدمة وتطبيق)، والذي حاول فيه أن يؤسس لأدب مقارن عربي ينطلق من الأدب العربي، ويعنَى بقضايا الأدب العربي، ويلقي الضوء على تأثير الأدب العربي على الآداب الأخرى، ويناقش أهم القضايا المتعلقة بالأدب المقارن في العالم العربي.
وكانت نقطة انطلاقه في هذا كله بدوره هي كتاب الدكتور محمد غنيمي هلال في (الأدب المقارن)، الذي انتقده كثيرًا؛ لأنه حسبما يرى قد اهتم بالآداب الأوربية أولًا وأخيرًا، ولم يتسع صدره للأدب العربي إلا على الهامش، بحيث لم يخصص له إن فعل وقليلًا ما يفعل إلا صفحات جد ضئيلة، ولم يصنع شيئًا في ذلك الكتاب تقريبًا أكثر من ترجمة ما كتبه المقارنون الفرنسيون في كتبهم وبحوثهم، ونقل ما أثاروه من قضايا وما عكسوه في دراساتهم من اهتمامات وأصدروه من أحكام، فجاء كتابه وكأنه طبعة عربية من تلك الدراسات.
وهو يرى أن النزعة القومية لا تتعارض مع الاتجاه الإنساني، إذ الأولى خطوة على طريق الأخيرة، كما أن البشر لا يمكنهم أن يتخلوا عن قومياتهم ولا عن مشاعرهم تجاه تلك القوميات، ثم إن النزعة القومية ليست شرًّا في ذاتها، والحق أن كلام الدكتور عبد الحميد إبراهيم هنا لا يمكن المماراة فيه فضلًا عن تخطئته، والعبرة في كل الأحوال بتوخي الباحثين أقصى ما يمكنهم من موضوعية، خشيةَ أن تجرفهم نزعتهم القومية نحو بعض الأحكام غير السديدة، أو تغشي على