الموضوع، ناسبًا إلى الزيات أنه هو واضع ذلك المصطلح في عناوين المقالات المذكورة.
وتشترط المدرسة الفرنسية أن تكون هناك صلات تاريخية بين العملين، أو الظاهرتين أو الأدبين المراد مقارنتهما، بيد أن هذا شرط تحكمي أو قل: إنه شرط غير ملزم ولا لازم، والمهم أن تكون المقارنة بين أدبي أمتين مختلفتين، سواء كتب هذان الأدبان بلغتين مختلفتين كما هو الغالب، أو كانا يصطنعان ذات اللغة كما هو الحال مثلًا بين الأدب الإنجليزي والأدب الهندي المكتوب بلغة "جون بول"، أو بين الأدب الفرنسي والأدب الجزائري المصبوب في قالب لسان الفرنسيس إلى آخره.
إن المراد هو تمكين العلاقات الأدبية بين الأمم والشعوب المختلفة، واكتشاف أوجه التشابه والاختلاف لديها في الذوق والإبداع، وتتبع المسارات التي انتقلت عن طريقها التأثيرات الأدبية من أمة إلى أخرى في حالة وجودها وإمكان تتبعها، وإذا كانت المدرسة الفرنسية في الأدب المقارن تركز بوجه عام على الصلات التي ثبت وجودها فعلًا بين الأمم والشعوب، فهل هناك ما يمنع أن نمد هذا الاهتمام إلى المستقبل، فنستشرف وجود مثل هذه الصلات أو نعمل على خلقها خلقًا؟ بل هل هناك ما يقطع بعدم وجود علاقة بين عملين أو ظاهرتين أو تيارين أدبيين لم يتضح لنا أنه كانت بينهما يومًا هذه العلاقة؟ لا أظن.