وها نحن أولاء المسلمين نصلَى بعدوان الغرب على بلادنا في فلسطين والعراق وأفغانستان مثلًا منذ مدة، وتتهدم البيوت والمساجد والمدارس والجامعات، ويسقط القتلى من إخواننا في تلك البلاد وأمثالها بأعداد مرعبة، ويعتدي جنوده على أعراض نسائنا، بل ورجالنا أيضًا دون أي اعتبار لمفاهيم الإنسانية والعالمية وما إليها.
أما عن ارتباط العالمية بالأدب المقارن، فالآداب جميعها أيًّا كان مستوى مبدعيها من الحضارة والثقافة والإبداع الأدبي، هي نتاج إنساني يرتبط بطريقة أو بأخرى بغيره من الآداب، وعليه فمن المفيد معرفة الصلة التي تربطه بتلك الآداب الأخرى والمقارنة بينه وبينها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هناك ما يُعرف بعالمية الأدب، وهي شيء قريب مما نحن فيه، فما هي تلك العالمية؟
يقول الدكتور محمد غنيمي هلال في كتابه (الأدب المقارن): إن عالمية الأدب معناها خروجه من نطاق اللغة التي كتب بها إلى أدب لغة أو آداب لغة أخرى، وهذه العالمية ظاهرة عامة بين الآداب في عصور معينة، ويتطلبها الأدب المتأثر في بعض العصور بسبب عوامل خاصة، تدفعه إلى الخروج من حدود قوميته؛ إما للتأثير في الآداب الأخرى، وإما نشدانًا لما به يغنى ويكمل ويساير الركب الأدبي العالمي.
وواضح أن الدكتور هلال يقصد هنا عملية التلاقح بين الآداب، وأخذ بعضها عن بعض بما يغنيها ويكسبها ما لم يكن فيها، وهذا من صميم الأدب المقارن.
على أن هناك معاني أخرى لتلك العالمية، منها ما قاله "جوته" ومَن ساروا على دربه من أن الآداب العالمية حين يتم تجاوبها بعضها مع بعض، لم تلبث أن تتوحد جميعًا في أجناسها الأدبية وأصولها الفنية، وغاياتها الإنسانية، بحيث لا