بوعي وتفكير بل بإحساس فطري خالص وعن طريق المصادفة، وباستخدام هذا المنهج نراهم يزعمون أن بإمكانهم صنع عالم في مجال الفن والأدب أكثر جمالًا من العالم الحقيقي.
ويقول الدكتور محمد مندور في كتابه (الأدب ومذاهبه): إنه في أعقاب الحرب العالمية الأولى تضافرت الفلسفة الفرويدية مع المحنة الإنسانية العاتية التي أصابت البشر بويلات الحرب، فتصدعت القيم الإنسانية وهانت الحياة على الإنسان بعدما رأى الفساد يتربص به في كل مكان، ونشأت رغبة جارفة للتحلل من الأخلاق وانتهاب اللذات قبل أن تفنى الحياة وتمضي إلى العدم، وسادت نزعة تحرير الغرائز المكبوتة في النفس البشرية والرغبة في إشباعها إشباعًا حرًّا طليقًا لا يخضع لأي قيد ولا تردعه أية مواضعة من مواضعات المجتمع، ولم تقتصر هذه النزعات على الحياة، بل امتدت إلى الفن والأدب اللذين يصدران عن هذا النوع من الحياة؛ مما أدى إلى ظهور المذهب المعروف بالسريالية -أي مذهب ما فوق الواقعية- وهو المذهب الذي يريد أن يتحلل من واقع الحياة الواعية؛ زاعمًا أن فوق واقعنا هذا أو خلفه واقعًا آخر أقوى فاعلية وأعظم اتساعًا وهو واقع اللاوعي واقع المكبوتات في داخل الإنسان.
وإلى تحرير هذا الواقع وإطلاق مكبوتاته وتسجيلها في الأدب والفن وجه السرياليون جهودهم، وإن كان لابد من القول: بأن هذا الواقع الدفين كثيرًا ما ينتهي إلى ما يشبه هذيان الحواس، وبخاصة عندما يلجأ السرياليون إلى الطرق المصطنعة كالأفيون وغيره لإطلاق المكبوتات التي تعشش في أعماق