بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثالث
(العلاقات الأدبية العالمية ظاهرة تاريخية)
فنقول: العالمية: مصدر صناعي من كلمة عالَم وهي ترجمة لكلمة يونيفرساليزم، المأخوذة من كلمة يونيفرس، ومعناه العالم بمعنى الكون وإن كانت مستعملة هنا بمعنى المجتمع البشري على الأرض من باب إطلاق الجزء على الكل، والمفروض أن هذا المصطلح يومئ إلى الإخوة الإنسانية وما ينبغي أن يسود بين الناس من تفاهم، سبيله الحوار والتبادل الثقافي، وما إلى ذلك على أساس من المساواة بين البشر، ورجوعهم جميعًا إلى أصل واحد، وبخاصة في هذا العصر الذي قصرت فيه المسافات، وتقاربت المتباعدات.
ويقول الدكتور حسام الدين الخطيب في كتابه (الأدب المقارن من العالمية إلى العولمة): إن فكرة العالمية ليست جديدة في التاريخ الإنساني، بل لعل الإنسان خُلق في الأصل عالميًّا، وهذا كلام لا غبارَ عليه إذا كان المقصود أن الله قد خلق البشر جميعًا من أصل واحد والماء والتراب، وأنهم ينتمون إلى أب واحد وأم واحدة هما آدم وحواء، وأنهم مهما اختلفت بهم الأوطان والأزمان لهم نفس الغرائز، ويتمتعون بنفس المواهب ولهم نفس المطامح والمخاوف، والأفراح والأحزان وأنهم خلقوا بنفس الملامح، لكن لا بد أن نعرف أن هناك دائمًا فرقًا بين الفكرة والواقع، فالأمر هو فعلًا كما قلنا إلا أن هذا لا يعني أن البشر يقبلون فكرة المساواة، ويتواضع بعضهم لبعض أو يسارع بعضهم لنجدة بعض على نحو تلقائي.
بل لا بد لذلك من تربية أخلاقية ومرانة طويلة، ثم إنهم بعد ذلك ورغم ذلك كثيرًا ما يفشلون عند أول منعطف إذ ينبغي حساب الأطماع والتنافسات